30 ، أيار ، 2013 ؛
كان صباحاً متعباً قضته جُلّنار بين المختبرات وازقة القاعات الدراسية ولم يسعفها الوقت في خضم كُلِّ هذا لتناول شيء ما تجدد به طاقتها .
منهكة ، متوترة ، والألم في رأسها يشتد وبالنسبة لها بالطبع كل هذا تعالجُه القهوة ..
عند زاوية الطلبات في مطعم الجامعة تجمعهم الصدفة للمرة الثالثة .
- قهوة قليلة السكر لو سمحت ، مع بعض الحليب والكثير من الرغوة .
- إنّكِ دقيقةٌ للغاية ، لستُ مخطئاً إذن !.
تدير جُلّنار رأسها ناحية الصوت بالقرب منها لتجده يحدق بيها مبتسماً لم يستغرق منها الامر ثوانٍ لتتعرف عليه فهي لا زالت تذكر تصادفهم الأخير منذُ يومين .
ليقول ليث بتهذيب ولا زال يحافظ على ابتسامته :
- صباحُ الخير
لا زالت تلتزمُ الصمت بينما يلتفتُ هو الى العامل الذي دفع كوب القهوة الورقي إليها ليطلب قهوة لنفسه ايضاً ، تتناول كوب قهوتها وتتجه نحو احدى الطاولات القريبة خارجاً وهي تُدرك إنّه سيتبعها لكنها لا زالت لا تفهم شيئاً ، ولما هو يتعامل معها من الاساس ؟
بعد لحظات ترفع نظرها إليه وهي ترتشف قهوتها اثر سحبه للكرسي المقابل لها وجلوسه دون استئذانٍ حتى !
-هل تمتنعين عن التكلم مع الغرباء او شيئاً كهذا ؟
- لا فقط اتجنب المعتوهين .
- هل شتمتني للتو ؟!
يسألها وقد بدت علامات الدهشة على وجهه لترد ببساطة ؛
- وهل انت منهم ؟
- لما لم تردي التحية إذن ، أم إنّكِ عادة لا تفعلين ؟
- ظننتُ إنّكَ لن تجلس أمامي اذا فعلت .
يبتسم ملأ فمه من صراحتها ليعقب قائلاً
- حسناً ، أنا ليث طالب في كلية الحقوق
عمري اربع وعشرون وفي المرحلة ماقبل الاخيرة
واراهنُ إنّكِ طالبة في كلية الطب ؟
- بلى .
تحتسي قهوتها وهي تراقب المارة بينما ينظر لها كمن يترقب الاجابة وحينما علم إنّها لن تفعل يقول بأستغربٍ واضح
- هذا فقط ! ألن تخبريني بأسمكِ على الاقل
- يبدو لي إنّكَ تعرف عني مسبقاً ، فما الحاجة للأسئلة المجازية هذه .
- حسناً دعيني أُخبركِ بشيء
عندما تصادفنا في محل التسجيلات لم اهتم كثيرا بالأمر لكن عندما وصلتني ملاحظتكِ المتفهمة بقي الأمرُ في عقلي
- ملاحظتي المتفهمة ؟
تتسائل جُلّنار ليردف بأبتسامة صفراء تفصح عن حنقه :
- أكان يجب إنّ اقول المستفزة ؟ على أية حال عندما رأيتك هنا مرة أخرى تولد لدي شيء من الفضول حولكِ ولأني انسان قلمّا يُشبع فضوله قررت اذا رأيتكُ للمرة الثالثة سنتعرف على بعضنا، ولهذا لم احاول معرفة شيء عنكِ وبالنسبة لكونكِ طبيبة فالفضل لملاحظتكِ .
- نتعرف ! هذا لو كان القرار متفق عليه وليس مع نفسك نيابة عني .
- ظننتُ إنّكِ لن تمانعين
- و لم َ تظن هذا ؟
يحدق بها مبتسماً وهو يجيب بهدوء قاصداً استفزازها ؛
- لأني فرصة لا يمكن تفويتها .
لتعقب هي بأستهزاء ؛
- يا رجل ! ولما هذا ؟
يردف من بين اسنانه وهو يضع ابتسامة ؛
- حسناً لا احد سيتعامل معك بلباقة مشابهة بعد تسلمه ملاحظتك الوقحة تلك ، مما يدل على كوني شخص محترم لن تري مثله !
- وقد يدل على كونك معتوه !
ليردف بذات الابتسامة المصطنعة بغيظ مكتوم ؛
- انتِ وقحة للغآية على فكرة
- من يدق الباب يسمع الجواب .
- انا لم اطرق بابكِ إنّما انتِ من وقعتي في طريقي ، لسوء حظي !
- اتفق معك " لسوء حظك " ، اذاً ؟ ماذا تريد من " سوء حظك "
كانت تضغط على حروفها وهي تسأله بحاجب مرفوع ليردف ببساطة :
- لا اعلم ، لكن هذه الصدف باتت مزعجة وكأنه قدر سيء يلاحقني لذا فكرت بإنّ تخوضيها معي فمن غير العادل إن اشعر بالانزعاج لوحدي .
- برأيك ماذا سأجيب وانت تنعتُني " بالقدر السيء " ولا تغفل عن ذكر انزعاجك عند رؤيتي ؟!
- علينا إن نعطي كل ذي حقٍ حقه ، أوَليس كذلك ؟ فأنتِ مزعجة .
- ما رأيك ان تنهض من أمامي قبل ان اتخلى عن احترامي !
- لن تفعلي فأنتِ بالاساس مدينة لي بشُكر ولا تريدين ان تضيفي عليه اعتذار ، الاّ اذا كنتِ تفضلين ترك ملاحظة اخرى تقولين فيها هذه المرة " غير آسفة " !
- انت مستفز !
- منكم نستفيد
- هل قول " شكراً لك "سيريحُك ؟
يقول ليث بأبتسامة المنتصر
- بالطبع .
لتردف قاطعة عليه فرحة الانتصار ؛
- جيد إذاً لن تسمعها .
- ألم اخبركِ إنّكِ مزعجة !!
تردف بأستهزاء واضح وهي تنهض مغادرة؛
- تشرفنا ، جُلّنار .
اسم جميل هذا ما توارد الى عقل ليث وهو يراها تدير ظهرها مبتعدة ككُل مرة .
أما هي فقد وردها اتصال من زينب ما إنّ ابتعدت قليلاً لتخبرها إنّها وبهاء اتفقوا مع صاحب المكان وأنهوا جميع الترتيبات اللازمة وكذلك تأكدت من دعوة جميع زميلات سمر دون علم الاخيرة بالاضافة الى نور وحنان ..
- لذا بقيت عائلتها فقط اتصلي بهم انتِ ولُمى قالت انها ستذهب عند مغادرتها الكلية لأحضار الهدية كما اتفقنا .
- حسناً لا مشكلة ، هل انتِ في طريقك للمنزل ؟
- نعم أكادُ اصل ، ماذا عنكِ ؟
- انتهيت لكن أريدُ المرور بالمكتبة قبل عودتي لذا قد اتأخر .
- الى اللقاء إذاً .
- الى اللقاء .
أنهت جُلّنار المكالمة مع زينب لتطلب رقم والدة سمر .. رنة ، اثنتان ، أربع لتُجيب والدة سمر أخيراً ؛
- أهلاً عزيزتي جُلّنار
- كيف حالكِ خالتي ؟
- الحمدُلله وانتم ما أخباركم ؟ اتمنى إنّ كُل شيء بخير ..
- نحنُ بخير لا تقلقي ..
- سمر ؟
- هي بخير كذلك .. بصراحة انا اتصلتُ بكِ لأطلب منكم الحضور لعيد ميلاد سمر بعد ثلاثة أيام فيما لو استطعتم ، نحن نعدُ حفلة مفاجئة لها .
- كم هذا جميل ، إنّه بعد يومين صحيح لكن كما تعلمين ملك لديها امتحانات هذه الأيام وانا للاسف ايضاً لدي التزامات متعلقة بالمرضى في ذلك اليوم لذا لن نتمكن من الحضور ..
- حسناً .... انا اتفهم
- اه لكن لحظة والدها في بغداد منذُ البارحة اساساً لأجل مؤتمر وهي تعلم هذا لذا يمكنني ان اطلب منه البقاء حتى يوم عيد ميلادها !
- ستفرح كثيراً لو حضر بالطبع وكذلك انتم لكن لاشيء نفعله اذا كنتم مشغولين .
- سأخبره وابعث إليه برقم هاتفك ليعرف المكان والوقت منكم ، فسمر لا تعلم كما فهمت ؟
- نعم هي لا تعرف شيء ، نحن نود ان نخرجها من العزلة التي باتت فيها منذُ الذي تعرضت له .
- شاكرة لكم هذا عزيزتي وصحيح أني وملك لن نتمكن من القدوم لكن هناك أحد سيأتي بدلاً عنا ومتأكدة إنّها ستفرح بالتعرف عليه ..
- ومن هذا ؟
تتسائل جُلّنار بأستغراب لتعقب والدة سمر على الجهة الأخرى بنبرة طبيعية ؛
- ابن أُختي الكبرى وهو يُدرس معكم في ذات الجامعة لكن هي لا تعرفه و يُدعى علي .
- حسناً سنكون بالانتظار ، استأذن الان خالتي لابّد إنّكِ مشغولة ..
- رافقتكِ السلامة عزيزتي .
تدخل جُلّنار هاتفها في حقيبتها وهي تفكر من علي ولما الخالة متأكدة إنّ سمر ستُسر برؤيته رغم إنّها لا تعرفه ؟ هل سيكون علي شخص جيد يا تُرى أم مجرد قريب غريب ..
وصلت جُلّنار مكتبة الجامعة - بعد شوط لا بأس به من المسير- والتي كانت تقريباً تخلو من الطلاب ، بحثت في المراجع الطبية العديدة عن مرجع الطب النفسي الذي تحتاجه لمعرفة الحالة التي طلبها منهم الطبيب المحاضر اليوم .. عثرت على الكتاب والذي كان يوجد بأصدارين مختلفين ، حملت الاثنان واتجهت للجلوس على احدى طاولات القراءة سائرة بين رفوف المكتبة الشاسعة - تقلب صفحات المرجع - مستلذة بهذا الهدوء بعد نهار طويل متعب رفعت عينيها بعد لحظات عن سطور المرجع بين يديها وقع نظرها على الرف جوارها المليء بكتب عن القانون والدستور ، شردت لوهلة في كتاب كان يحمل عنوان " فن المرافعة وأصول المحاماة " ، تذكرت ليث وما قاله قبل قليل عن كونه طالب حقوق هل يعني إنّه سيصبح محامي ؟ أمْ إن له طموحات أخرى .. يبدو مناسباً لشخصيته على أية حال.
* لكن لحظة لما أنا الان مهتمة ! ما شأني بالاضافة إنّ لا وقت لدي للتفكير بالمعتوه ، عليّ ايجاد جواب السؤال والعودة للمنزل حالياً *
حدثت جُلّنار نفسها لتنفض هذه الافكار عن رأسها وتواصل طريقها ، انقضت نصف ساعة وهي مستغرقة بالقراءة والبحث في المراجع منشغلة عمّا حولها .. اتصلت والدتها اكثر من مرة لكنها لم تعلم لأن الهاتف في وضع الصامت ، غادرت المكتبة بعد ساعة بعد ان انهت كتابة اجابة السؤال .
نظرت لساعة يدها لتجد إنّها الثالثة ظهراً فتوقعت إن والدتها قد تكون اتصلت مسبقاً اخرجت الهاتف وعاودت الاتصال بها مع رؤية المكالمات الفائتة .
كان ليث قد غادر كليته تواً ويتجه نحو مرآب الجامعة حينما لمح جُلّنار قادمة من الجهة الاخرى وهي تتحدث على الهاتف مبتسمة ، مرت بجانبه دون ان تنتبه إليه وتقدمته وهي تسير ببطىء تباطىء هو الآخر في سيره حتى لا يتقدمها دون إن يفهم سبب فعله لهذا حقاً .
المسافة بينهما كانت كافية ليسمع حديثها مع الطرف الآخر - دون ان يتعمد هذا - والذي اكتشف انه والدتها :
- لم اتناول غدائي بعد ، فأنا الان فقط اغادر الجامعة .
- متعب للغاية
- وانا ايضاً اشتقتُ لكم كثيرا ولطعامكِ الرائع كذلك أُمي لشدة الجوع الذي اشعر به الان ..
اصطنعت جُلّنار نبرة باكية وهي تأتي على ذكر الطعام ليندهش ليث من إنها تجيد التحدث بطفولية هكذا وهو الذي اوشك على التيقن من إنها بلا عاطفة ولا تجيد غير تقطيب الجبين ورفع الحاجب بحدة ، يبدو إنّها فتاة طبيعية بالنهاية !
- للأسف لن اتمكن من العودة في نهاية هذا الاسبوع لأن هناك عيد ميلاد سمر ونحن نجهز له ، لذا سأعود في الاسبوع القادم ..
- نعم تحدثتْ معي بالأمس واخبرتني
- حقاً ! وماذا قال ؟؟
اختفت جُلّنار عند هذا الحد من أمام ناظريه وقد اجتازت البوابة الخارجية والتف ليث يميناً حيث ركن سيارته كان يبتسم مفكراً أنّه شاهد واحدة مختلفة تماماً عن من رأها منذُ ساعتين ، يبدو إن تلك التي تتحدث مع والدتها بأبتسامة دافئة ونبرة طفولية مرة ومتعبة مرةً أُخرى ، تركز نظرها في الأرض ووقع خطواتها بينما تصغي لمحدثها وتميل برأسها بحيرة أحياناً هي الحقيقة خلف تلك الشخصية الغاضبة .
...............................
الثامنة مساءاً ،
اجتمعت الفتيات في المطبخ ، زينب و سمر يجهزون العشاء بينما لُمى تُصفي أكياس المشتريات من خضار ومعلبات وتوابل وترتبها في الاماكن المخصصة لها وكانت قد احضرتها معها عند الذهاب لشراء هدية سمر ولم تتسائل الاخيرة عن سبب ذهاب لُمى بمفردها للسوق فقد أخبرتها إنّه دورها في التسوق أما جُلّنار فكانت جالسة متكئة على احد كراسي المائدة وتقرأ جزء من مادة امتحانها القادم بملل ، تحدثت سمر وهي تغلق باب الفرن بعد إن ضبطت درجة حرارته ؛
- لقد قابلتُ أبي اليوم بعد مغادرتي الكلية .. فقد انتهى المؤتمر خاصته مبكراً وجاء ليقلني من الكلية بدلاً من اللقاء على موعدنا عصراً .
- وماذا حدث ، هل تحدثتم ؟
- اتجهنا لمطعم لتناول الغداء بعد إن اتصلتُ بعمتي اعتذرتُ منها وفرحت حين علمت إنّ أبي هنا ونحن رفقة بعض .. لا اعلم بادىء الأمر كنتُ متوترة وهو لم يقل شيئاً يذكر عدا سؤاله عن اموري والجامعة ودرجاتي في الامتحانات النصفية ...
- ثم ؟
تقول جُلّنار مشجعة وقد تركت رزمة الاوراق من يدها ؛
- أخبرته إنّي آسفة لأجل مسألة جعفر وإن كان هذا لا يغير شيئاً وانا نادمة لعدم سماعي نصيحته لكني وقتها لم افكر أنّه قال هذا لمصلحتي بل لأنه كان خائفاً على اسمه وسمعته هو لا غير ..
وما لم اتوقعه إنّ يبادلني الاعتذار قائلاً إنّه ملام ايضاً لكونه لم يخلق بداخلي ثقة كافية تجاهه وهو وأمي بشكل او بآخر دفعاني للسقوط في فخ وضيع مثل جعفر بأنشغالهما الدائم عني وملك ، " وبكُل أسف لم ندرك فظاعة نتيجة هذا حتى حصل ما حصل " هذا ما قاله بصوت مخنوق وما لا استطيع تصديقه انا حتى الان إنّه يلوم نفسه على مسألة جعفر اكثر من لومي أنا !
- أليس هذا جيداً ؟ إن تعلمي إنّهم مدركين أنّ لهم يد بما حدث ؟
تسألها لُمى بتوجس لتجيب سمر بحزن ؛
- معكِ حق لكن لا اعلم لما آلمني هذا الاعتراف وان كان فيه خلاصي من الشعور بالذنب تجاهه وأُمي ..
- والان كيف تشعرين ؟
تسأل زينب هذه المرة لتردف سمر بثقة ؛
- أكثر ثقة بنفسي وربما قادرة على وهب أبي وامي فرصة جديدة ، لا اعلم ان كانوا سيتغيرون لكن اريدُ منح نفسي معهم هذه الفرصة !
- انتِ تتألمين نتيجة الندم وطول الانتظار وكثرة الـ " يا ليت " وهذا ما تعلمته من فترة علاجي مع بهاء .. أعني البادرة التي تأتي متأخرة تؤلمنا اكثر ممّا لو لم تحدث مطلقاً .
- نعم اعتقد إن الامر هكذا .
- حسناً دعونا من هذا وركزي الان فقط مع شعوركِ بالراحة واستغلي الفرصة جيداً لأجلكِ قبل والديك .
تعقب جُلّنار أخيراً لتبتسم سمر وهي تؤمى برأسها موافقة وتربت زينب على كتفها ، تتابع لُمى تنقلها في المطبخ وهي تملي على زينب تعليمات السلطة واضيفي اكثر من هذا واصنعي من هذا ايضاً بينما تحاول جُلّنار التركيز ولا تستطيع حتى ترمي بالقلم والاوراق هاتفة بحنق :
- هيييي لُمى كفي عن الثرثرة انا منذُ ساعة في نفس الورقة بسببكم !
- إنّه المطبخ وليس المكتبة عزيزتي ، اذهبي لغرفتكِ لو كنتِ مهتمة حقاً بالحفظ ..
تعقب سمر بأبتسامة ؛
- معها حق جوجو انتِ جالسة معنا على أية حال لأنكِ مللتِ الدراسة فلا تتذمري بحجة إنّنا نلهيكِ
- اف اعلم ! فلا تضربوا هذا في وجهي
- خذي تذوقي الحساء ... أهو لذيذ ؟
ترتشف الملعقة من يد زينب قائلة بعدها وهي تعاود الاتكاء على ظهر المقعد ؛
- اضيفي بعد القليل من الزنجبيل .
- ok
- اللعنة عليه !!
تصرخ جُلّنار بعد برهة وهي تعدل من جلستها بغضب لتسأل لُمى بدهشة وقد فزعت الفتيات بعد الهدوء الذي كان عليه المكان :
- من ؟
- ليث
- من ؟؟
تعيد لُمى سؤالها مرة اخرى بأستغراب بالغ وقد بدى لهن الاسم غريباً ..
- ليث ليث من محل التسجيلات أتذكرون ؟
- ........
- المتحرش ومن تولى طرده؟
الدواء لأجل الجرح ؟
- حادثة لستُ ممتنة !!!!
تصرخ سمر اخيراً لتقول لُمى وزينب من فورهم بحماس ..
- نعم !!
- نعم ، ما به ؟
تحدق بهن جُلّنار مصدومة لبرهة قبل إن تقول ؛
- حقاً طريقة تذكركم للموضوع لا مثيل لها ، انتم مستفزون !
- ليس بقدركِ عزيزتي
- هيا تحدثي !
- رأيته منذُ يومين في الجامعة وفـ ————
- تمزحين !!
- أيعني هذا انه معنا في ذات الجامعة
- استاذ ام طالب ؟!
- هلا التزمتم الصمت لأتحدث ام ستواصلون الاسئلة ؟
- حسناً تابعي
- مررنا ببعضنا عند المقصف ، في البداية كان مجرد شخص عابر لكن لا اعلم لمّا حين التقت أعيننا شعرتُ بالغرابة وفجأة تذكرته التفت لأتأكد وكان هو بالفعل واليوم ألتقينا مرة أخرى بصورة أدق تعمد هو لقائي ، كنتُ اطلب قهوتي حينما تهكم احدهم قائلاً
" انتِ دقيقة للغاية " ! وعندما التفت كان هو ، تجاهلته بادىء الأمر ولكنه أصر على الرغم من ذلك وجلس أمامي بأبتسامة .
بعد عدة دقائق كانت جُلّنار قد انتهت من سرد ما حدث للفتيات لتقول لُمى بدهشة :
- معه حق لقد كنتِ حقاً وقحة !
- كان يستحق ..
- ماذا قلتِ بعدها ؟
- لا شيء تركته ونهضت بعد قول تشرفنا عندما وصفني بالمزعجة .
تعقب سمر بأقتناع ؛
- لا تستغربوا لكني اتفق معها فهذا الليث معتوه الى حد ما لو كنت مكانه لم اكن لأنظر بوجهكِ ابداً بعد تلك الملاحظة الجاحدة !
- انتم اصدقاء رائعين ، شكراً لكم !!
- لا حق لكِ لتكوني حانقة عزيزتي ، انتِ المخطئة .
- اعلم إنّي بالغت لكن ————
- بل تماديتِ !
- فعلت هذا حتى لا يقترب مني مرة أخرى فوجوده يزعجني ، يشوش افكاري و التفكير بالمغزى وراء تصرفاته يشغل عقلي ولا وقت لدي لهذا ، مثل الان استمر اتذكر ردوده وثقته التي لا سبب لها بدلاً من حفظ هذه الاوراق !!
- فهمنا إنّكِ تكرهين الاعجاب والارتباط وما شابه ذلك ، لكن ما دام محترماً فلا بأس به ليكون صديقاً أليس كذلك ؟ لذا كفي عن ردود الفعل الوقحة معه وتصرفي على طبيعتك انتِ لست انسانة هكذا !
- لكن ..
- بدون لكن لُمى محقة ! يكفي ما فعلتيه لحد الان معه وعلى قول سمر لو كان شخص آخر فلن ينظر إليكِ مرة أخرى
- أنا لا اريده ان ينظر اساساً ..
- ماذا قلنا ! وان يكن تصرفي وفق أخلاقكِ وطبيعتك
- حسناً حسناً فهمت ، كفى توبيخاً سأتصرف بأدب هذا لو تقابلنا مرة أخرى ..
- لنأكل إذن .
أنت تقرأ
غـِـمَار
De Todoيقطع عثمان الصمت الذي طال بينهما وهو يسألها - هل كان جرحـهُ أكبر من عفوكِ ؟ تبتسم بمرارة مُردفة : " لم يكن جرحاً ، بل كان اليد التي ضمدت ذاكرتي المعطوبة وكنتُ الخنجر الذي تراجع عن طعنه لكن بعد إن عكستهُ المرآة " . . . لم يبدؤوا يوماً لنسأل كيف انت...