16، فبراير ، 2014
الساعة الثانية ظهراً ..
اجتازت جُلنار بوابة المشفى الواسعة لتُفاجىء بالفتيات ينتظروها عند المدخل متلحفين معاطفهم الثقيلة ، ابتسمت متجهة نحوهم بينما تقول رافعة من صوتها لتلتفت الثلاثة إليها :
- لم تكونوا مضطرين للانتظار في الشارع في جو كهذا ، لو اخبرتموني المكان كنت سآتي ..
- لكننا هكذا نضمن عدم تأخركِ وعدم تأخرنا عن تمني عاماً سعيداً للمجنونة خاصتنا !
عقبت زينب اللي تفرك يديها ببعضهم في محاولة لبث الدفىء فيهما ، تجمعت الفتيات لعناق جًُلنار دفعة واحدة وقد بادلتهن الأخيرة بأبتسامة سعيدة .. انه يوم مولدها ولن تدع اي شيء يُعكر صفوها ولم تنسى الفتيات هذا بالطبع بل كعادتهم تجمعوا ليتناولوا الغذاء معاً وقد وصلت لُمى قبل ساعتين -عائدة - من الجنوب لأجل هذا .
ساروا بأتجاه المطعم القريب من المشفى متبادلين الأحاديث مع لُمى حول ما عقب عودتها للمنزل ورحلة بحثها عن عمل في منصب ملائم مزامنة مع بحث والدتها لها عن العريس وحول ما استجد مع الفتيات - سمر وزينب - خلال فترة غيابها لتشهق لُمى معقبة ؛
- أانتِ جادة ؟!
هل انتِ متأكدة انه حقاً يفعل وليس فرط اهتمام فقط لكونكِ قريبته ؟
- ظننتُ هذا ايضاً بادىء الأمر لكن
- تقصد هكذا حاولت اقناع نفسها ..
تعلق جُلّنار ببرود فتتلقى نظرة حادة من لُمى بينما ترفع الأخيرة حاجبيها بأندهاش وكأنها تقول " أحقاً ! ماذا نقول لكِ إذن " جملة سمعتها جُلّنار دون نطق الأخيرة لها لتقول من فورها متهربة بعينيها من لُمى ؛
- موضوعنا سمر وعلي ..
- لكن ماذا ؟ تابعي
- الأمر واضح لُمى كل تصرفاته تصرخ بهذا لكنه غريب بنفس الوقت ، أعني علي هو يحاول اخفاء الأمر ام عليّ القول الهروب منه ؟
- ولم سيفعل ؟
- هذا ما يحيرُني .. لو لم يكن راغب بي لشخصي لما بقي جواري وتقرب مني هكذا اعتقد لكن على العكس اجده يألف وجودي وقد قال هذا بنفسه وان قلنا انه يأخذ بنظر الاعتبار صلة القرابة بيننا ويتردد بسببها فلن يكون منطقياً بدوره لأني اراهن ان علاقته بوالدتي اكثر لمعاناً وعمقاً من علاقتي انا نفسي بها !
- لا لا، انه يخشى من شيء اخر اعتقد .. شيء متعلق بكِما وحدكما رُبما
- ماذا تعنين ؟
تتدخل جُلنار هذه المرة قائلة ؛
- نحن لم نقل لكِ هذا من قبل لكنه منذُ المرة الأولى التي رأيناه بها كان خائفاً ومتوتراً من لقاءكِ ونظراته لكِ اغلب الاوقات وكأنه يشعر بالندم بل ربما يتملكه الذنب تجاهكِ ولم نتمكن من ايجاد تفسير منطقي لمّا سيفعل ؟ قد لا يكون الأمر مهماً وقد تكون مخيلتنا بالطبع لكن مع ذلك عليك وضع احتمال كهذا والتصرف بتأني عزيزتي .
- حسناً .
تعقب سمر بحيرة خاتمة الحديث وقد وصلت الفتيات المطعم .
بعد ان احتلت الفتيات المقاعد المتوزعة حول طاولة جانبية ، نهضت لُمى بحجة الذهاب للحمام وعادت بعد دقائق تحمل قالباً من الكعك متوسط الحجم وقد أضيئت عليه شمعة صغيرة ونُقش حرفا " ج.ر " ورقم أربعة وعشرون على جانبه لتنهض زينب وسمر ويحاوطان جُلّنار التي بقيت جالسة وابتسمت نحو لُمى لتقول وقد انعكس شعاع الشمعة على عينيها ؛
- تعلمون اني لا احب كعك اعياد الميلاد يا مجانين ، ألم يكن الغداء ليكون كافياً ..
- لكننا نحبه عزيزتي عليك ان تأخذي بنظر الاعتبار معدة الآخرين ايضاً .
تضحك جُلّنار على تعليق لُمى الحقيقي بينما تعقب زينب ؛
- للأسف ربما لن تتمكني من الاستمتاع به لُمى ، طلبنا ان يُصنع بالقهوة جوجو ولا اعلم للأمانة كم يبدو هذا منطقياً لكنها الفكرة الوحيدة لتشاركينا تناوله وليس اطفاء شمعته فقط ككُل مرة .
- اوه اثرتم فضولي بالفعل .
- هيا هيا ستذوب الكريمة ، اطفئي الشمعة وتمني شيئاً جميلاً غير وجودنا بحياتك بالطبع ..
تقول سمر لتضحك الاربعة بمرح بينما تُطفىء جُلّنار شمعة عامها الثالث والعشرين وتُقطع قالب الكعك .
أنت تقرأ
غـِـمَار
De Todoيقطع عثمان الصمت الذي طال بينهما وهو يسألها - هل كان جرحـهُ أكبر من عفوكِ ؟ تبتسم بمرارة مُردفة : " لم يكن جرحاً ، بل كان اليد التي ضمدت ذاكرتي المعطوبة وكنتُ الخنجر الذي تراجع عن طعنه لكن بعد إن عكستهُ المرآة " . . . لم يبدؤوا يوماً لنسأل كيف انت...