من حالٍ إلى حال

232 15 1
                                    

تموز ، 2014 - حزيران 2015

أسمعتم عن " مرت وكأنّها لحظة " .. هذا تحديداً ما يصف السنة الماضية من حياة جُلّنار والتي يا للغرآبة على الرغم من كونها مليئة بالأحداث ألا أنها انقضت سريعاً .
بدايةً أجتازتْ جُلّنار الامتحانات النهائية بنجاح ولم يمضي الكثير من الوقت لتبدء بعدها تدريبها الصيفي داخل المستشفى كخريجة في مرحلتها الدراسية الأخيرة .. بذات الوقت الذي غادرت فيه زينب عائدة للجنوب تماماً ، فجأة باتت الشقة السادسة مجرد جدران وأعمدة وقد غادر معظم سكنتها ، لُمى لم تعد تأتي في العطل نتيجة انشغالها بالحياة العملية وقد قبلت الوظيفة التي كانت مترددة بشأنها أما زينب فعودتها للجنوب كانت محتمة بعد انتهاء الجامعة اضافة الى حاجتها للتجهيز لزفافها في الشتاء وهذه أحد الامور التي حُرمت جُلنار من المشاركة فيها نتيجة طبيعة تدريبها الذي يشغل معظم ايام الأسبوع فهي بالكاد تملك يوم وحيد كعطلة أسبوعياً لذا شيء كالعودة لمسقط رأسها ورؤية الفتيات  وتقضية وقت رفقتهن كان بمثابة رفاهية بعيدة المنال في الوقت الحاضر .. مغادرة زينب تولد عنها مشكلة اضافية حيث تحصل عن هذا سكن جُلّنار بمفردها  وهو ما لن تقبل به عائلة الأخيرة ، قررت سمر ان تنتقل بصورة تامة رفقتها مع بداية العام الدراسي القادم لكن خلال العطلة الصيفية هي مضطرة بالعودة للمنزل بدورها لأجل ملك .. لذا كان الخيار الوحيد أمام جُلّنار هو الرضوخ لقرار والدتها التي ستبقى رفقتها حتى انتهاء العطلة الصيفية وعودة سمر . وما بين هذا وذاك كان قد مر ثلاثة أشهر ، استصعبت جُلّنار الوضع بادىء الأمر فالشقة بدت خالية من الحياة مع اختفاء اغراض الفتيات منها تدريجياً كحال وجودهم في يوميات الأخيرة ، وقتها لم يكن يسمح حتى بأجابة كل مكالماتهم ورسائلهم .. ساعات دوامها تستمر حتى الظهيرة وتعود منهكة بالكاد تُصلي وتستحم ثم تخلد للنوم ، يكون قد حل المساء عند استيقظاها حيث تأكل وجبة سريعة وتباشر الدراسة مجدداً، هي تعترف وجود والدتها بهذه المرحلة ساعد الى حد ما لكن هذا لم يمنع تفاقم الشعور بالوحشة لديها .. وهناك أيام تكون العكس تماماً حيث يصبح فيه وجود والدتها متعباً لشدة ما تعانيه من ضغوط لا تتفهمها الأخيرة وتزيد عليها اضعافاً ، دعونا لا ننسى ان  جُلّنار ووالدتها لم يكن متفقات الشخصية بالدرجة الأولى ، بدأ العام الدراسي الجديد وعادت والدة جُلنار لمنزلهم مزامنة مع قدوم سمر التي للحظة خُيل إليها ان من أمامها ليست جُلّنار عند رؤيتها ، كان هناك شعور مختلف صادر عنها وكأنها فقدتْ شيئاً من الدفء الذي لطالما كان ينبعثُ منها ..
- أكُلّ شيء على ما يرام جوجو ؟
قالت سمر بعد ان فرغتْ الاثنان من عناق بعضهم البعض ، تردف جُلّنار بتعب :
- ماذا تعنين ؟
- وجهكِ شاحب ...
- طبيعي لم أنم منذُ البارحة ، استغرقتُ في المذاكرة لأجل امتحان الغد .
- ليس هذا .. كيف أقولها .. كما لو إنّكِ بتِ أكثر انطوائية ..
ابتسمت جُلنار معقبة بلا مبالاة ؛
- حسناً قد يكون هذا تأثير البقاء مع والدتي .
لم تتمكن سمر من الرد بشيء فهي تتفهم الأمر بدورها لذا دارت دفة الحديث بقولها ؛
- بالتأكيد لم تتناولي شيء منذُ الأمس بالنظر لعيناكِ الشبه مغلقة .. سأعد الغداء بسرعة أياكِ والنوم
- حسناً .
ما أن اختفت سمر داخل المطبخ عانقت جُلنار احدى وسائد الأريكة وغطت في النوم دون ان تشعر  .

غـِـمَار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن