اسكريبت 17

648 58 1
                                    

اتحركت البنت بعيد عن مامتها، قالت وهي بتداري دموعها:
_ على إيه يعني كل ده، أومال لو مجموع حلو كنتوا عملتوا إيه!

قربت الأم منها وقالت:
_ لأ مجموعك حلو ونص كمان، المهم إنك نجحتي وخرجتي من السنة ديه على خير.

حضنت الأم بنتها وانطفت الأضواء اللي اتسلطت على نُص المسرح، كان شاب واقف وحواليه المكان متبهدل، قرب منه شاب تاني لكنه بيمثل دور الأب وقال بصوت قاسي:
_ انت كدة هتعيد السنة يعني ولا إيه!

اتكلم الشاب بصوت مخنوق من البُكا:
_ همتحن دور تاني.

هز الأب راسه وهو بيقول:
_ آه، ويا سقطت يا نجحت، لأ أنت تنسى الدلع بتاع أمك ده، من وهنا رايح هتعيش معايا، وهتنزل تشتغل يمكن تبقى راجل.

_ حضرتك اللي سبتني من الأول، جاي دلوقتي بتقول الكلام ده بناءً على إيه، انت حتى متعرفش عني حاجة، ولعلمك أنا كنت بشتغل علشان أصرف على نفسي بعد ما أمي سابتني هي كمان.. وأنا مش هعيش معاك.

زعق الأب وقال:
_ اتأدب يا ولد واتكلم باحترام، انت فاكرني هتحايل عليك ولا فاكر نفسك صغير! عيل قليل الأدب.. لو ما نجحتش هاخدك تعيش معايا غصب عنك، انت فاهم!

انتهى المشهد على الشاب وهو بيكسر كل حاجة حواليه، انطفى النور اللي اتسلط على آخر جزء في المسرح.. كانت بنت بتبكي بانهيار وهي على الأرض.. ظهرت بنت تانية واللي قايمة بدور الأم وقالت بقسوة:
_ عياطك مش هيخلي مجموعك يعلى، علشان ياما قولتلك ذاكري ذاكري.

ردت البنت بقهر:
_ بس أنا ذاكرت، صدقيني حاولت.

قالت الأم قبل ما تتحرك:
_ لو ذاكرتي ما كانش هيبقى ده مجموعك، لكن كل ده مش هيفيد بحاجة واللي راح راح.

اتحركت الأم وفضل الضوء متسلط على البنت.. وبعد وقت قصير دخلت بنت لابسة نفس اللبس وقربت منها وهي بتقول:
_ قومي.. قومي وهنحاول من جديد.

_ ما عدش ينفع، كل حاجة انتهت.

_ لأ ينفع.. تقدري.

زعقت:
_ مش هينفع!
عياطها زاد وصوتها رجع هِدي:
_ صدقيني خلاص.

بِعدت عنها وقالت بصوت جهوري:
_مفيش حاجة خِلصت، قومي.. قومي وإحنا هنثبت للعالم كله إنتِ قادرة تعملي إيه!

_ مبقتش قادرة، مش عايزة أثبت حاجة لحد، محدش هيصدق بأي حاجة أعملها.

_ أنا.. أنا هصدقك، كفاية إنك مصدقة نفسك!

_ تفتكري هينفع! أصل مجموعي ده هينفع في إيه! هيدخلني إيه!

_ هينفع.. هيدخلك المكان اللي مرسوملك بالظبط.

عياطها هِدي وعيونها ظهر فيها شعاع أمل.. اشتغلت موسيقى وبدأت البنت اللي واقفة تغني على طريقة ديزني وهي بتتحرك حوالين التانية..

' قومي وغني الدنيا بمبي..
اكتبي قصة طويلة، ارسمي لوحة جميلة..
خيطي فستان طويييل..
لسة ده المشوار بعيد.. '

قامت البنت اللي على الأرض وهي بتمسح دموعها قالت:
_ هكمل وهحلم.

مسكت إيد البنت التانية وقالوا سوا:
_ هفضل السند لنفسي مهما حصل، مش معنى إني في يوم وقعت يبقا الدنيا انتهت، ولا معنى إن الكل شايف فشلي يبقا فشلت، أنا لسة فيَّ نفس يعني لسة باقي أمل.

بصوا لبعض وقالوا:
_ شكرًا لأنك سندي الوحيد، شكرًا لأنك لسة بتحاربي.

_ انطفت أضواء المسرح وصوت الصقف كان عالي ومستمر، لحد ما الضوء اشتغل في نُص المسرح من جديد، كان الشاب قاعد على الأرض إيده اللي ماسكة سيجارة بتترعش والدنيا من حواليه خراب، دخل شاب لابس نفس لبسه وقرب منه وبدأ يتكلم بهدوء:
_ مش كفاية لحد هنا!

رفع راسه وبص له في صمت، كمل بنفس الهدوء وهو بيقول:
_ انت أكيد تعبت، أنا عارف إنك مش حابب تكون هنا ولا أنا عايز نفضل هنا، قوم.. لازم تكمل.

هز راسه بيأس وقال:
_ مش عايز ولا قادر.. هقوم ليه ولمين!

_ علشانك.. هتقوم علشانك أنت.

_ صدقني أنا مبقاش فيَّ حيل أحارب أكتر من كدة، الراية البيضا الحل الوحيد.

خرج عن هدوءه وقال بصوت عالي نوعًا ما:
_ الراية البيضا هتتحول للون الدم!

_ يكون أفضل من الغُربة والوحدة في وسط الناس.

_ بس انت تعبت علشان توصل لهِنا، محدش هيخسر أي حاجة غيرنا.

_ هما اللي..

قاطعه وقال بصوت عالي:
_ ما تقولش هما، انت مش الوحيد اللي حصل معاه كدة، الحرب ديه حربك لوحدك، ويوم ما تفوز هتلاقي الكل بيجري عليك، قوم علشان اللحظة ديه.

_ بس أنا مش عايزهم معايا بعد ما حاربت عُمر كامل لوحدي!

_ يبقا لازم تقوم وتكمل، قبل فوات الأوان.

مِسك إيده وشده، رمى السيجارة اللي داس عليها برجله وقال:
_ أنا يمكن تعبت، يمكن أخدت هُدنة طويلة، أخدت مُسكنات غلط، لكن مين فينا ما بيتعبش! مين فينا ما بياخدش مُسكن حتى لو هيضرهُ، بس لازم الهُدنة تنتهي.. لازم تنتصر في الحرب، ما ينفعش تستلم قبل النهاية بيوم، وأنا مش هستسلم.

صوت التصقيف كان أعلى حاجة، وكتير بيداري في دموعه، شعلة الأمل وفتيلها اللي كان مطفي نور، خرج كل الممثلين على خشبة المسرح وسط تصقيف الناس وانبهارهم بأدائهم..

اسكريبتات❤️✨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن