☦︎︎29☦︎︎

2.2K 82 15
                                    

كلما تذكّرت الدمعة الحبيسة في عين جيمين، التي كاد يطلقها لحظة عناقنا الأخير.. تفجرت عوضا عنها عشرات الدموع من محجري.
لم يكن ما فعلت شيئا يغتفر.. إنه جيمين رفيق الطفولة و الصبا و المراهقة.. إنه أعز إنسان لدي.. لكنه ليس الأحب..
في صباح اليوم، عندما رأيته.. تلوّت أمعائي و أصابني مغص شديد مفاجئ للكدمات التي شوهت ما لم يكن مشوها من جسده النحيل.
حين حاولت التحدّث إليه لم يرد علي، حتى بدأت أقنع نفسي بأن اللكمات التي تلقاها فكه قد أعجزته عن النطق ، إلا أنه تحدّث مع هانا التي انفردت به مطولا في غرفتها .
بالتأكيد كان حوارهما يدور حولي و حول ما سببته من مشكلة معقدة بغبائي و تهوّري...
و كل هذا، لأنني اكشفت أنني أحب جونغكوك !

أحب رجلا وحشا مفترسا... لم يسبب لي منذ ظهوره في حياتي من جديد غير الألم و المعاناة...
و لو استهلكت كل كلمات الندم الموجودة على وجه الأرض، ما كفاني ذلك لأعبّر عما أشعر هذه اللحظة من الذنب...
الآن، أنا فتى طائش ناكر للجميل و المعروف، و حينما يعود والداي، و يرحل جونغكوك، كما رحل جيمين، فإن كل شيء سينتهي.. و أفقد عائلتي.. و أعود يتيم وحيد كما قدمتُ إليهم قبل 15 عاما...
بين الفينة و قرينتها يأتي ابن خالتي جين ليتفقدني، فيراني كما تركني.. أهيم في أفكار بائسة لا نهائية.. في ضياع و تشتت. كنت أحاول النوم على سريره، إذ أنني قضيت الليلة الماضية ساهرٍ سهر النجوم.. وحيد وحدة القمر.. باكي بكاء المطر.. تعيس تعاسة السواد المخيم على السماء... تتلاعب بي الأفكار تلاعب الرياح بورقة شجر صفراء جافة.. فقدت فرعها و أصلها و جذرها و تاهت في صحراء لا نهاية لا.. و لا بداية.
" أما زلت مستيقظ ؟ "
سألني جين و القلق الشديد يتملكه و يحوّل وجهه البشوش الصريح إلى مغارة من الغموض و الحيرة..
قلت:
" أنى لعيني النوم يا جين ، و قد فعلت ُ ما فعلت ؟ .. غدا مساءا سيعود والداي.. ماذا أقول لهما ؟ يا إلهي لا أريد أن أريهما وجهي.. "
" هّون عليك يا تاي، لست أول و لا آخر فتى يحل ارتباطه من خطيبتة بعد سنين من الخطوبة ! لا عليك يا عزيزي .. هل تعتقد أنهم سيطردونك من المنزل مثلا من جراء فعلتك هذه ؟؟ "
قلت:

" لا أستحق العيش تحت كنفهم بعد الآن... بل لا أجرؤ على العودة إليهم ! أوه لو رأيت الطريقة التي خاطبتني بها هانا هذا اليوم.. "
و تذكّرت كلماتها القاسية التي وجهتها إلي بعد مغادرة جيمين ، مكسور الخاطر...
قال جين :
" و منذ متى كانت طيبة معك ! إنها دائما قاسية عليك، دعك منها.. لكن عندما تعود أمك يا تاي ، أخبرها بحقيقة الأمر.. أخبرها بأنك لم تحب فكرة خطوبة يوما و أنك... تحب جونغكوك !"
قلت بأسى و اعتراض:
" مستحيل ! لا يمكن أبدا... و لا بشكل من الأشكال ! كيف يا جين كيف ؟؟ و ماذا سأجني من قول هذا ؟ أم تظن أنها ستقول : لا بأس ، سنزوجك جونغكوك ؟؟؟؟ ، بهذه البساطة ؟؟ "

و جعلت أندب حظي الذي أوقعني في مأزق كهذا..
" ليته لم يسافر و يتركني.. ليته لم يعد ! ليتني أستطيع التوقف عن التفكير به ! ليته يحس بي... ليت معجزة سماوية تجعله يرتبط بي و تجعل لأمور بخير .. ليته يختفي من حياتي و قلبي.. ليته يظهر الآن و ينتشلني من كل هذا ! "
و حشود من الأمنيات تمنيتها في عجز عن تحقيق أي منها... أو حتى تخيّل تحقيقها.. إلا أن واحدة منها تحققت فورا !
طرق الباب هاهنا و دخل خالتي و قالت:
" جونغكوك أتى "
نظرت نحو خالتي بقلق مفاجىء و انعقد لساني،

YOU ARE MINحيث تعيش القصص. اكتشف الآن