☦︎︎38☦︎︎

1.9K 71 8
                                    

إنه مصرّ على البقاء هنا و اعتقد، أنه يجبشعر بالراحة و السعادة مع خالته و ابنها ! "
و استدارت إلى أمها متممة :
" أليس كذلك أمي ؟ "
قالت خالتي ليندا :
" بلى، مسكين ، لقد مرّ بظروف صعبة جدا، لم لا تتركه هنا لبعض الوقت يا جونغكوك ؟ "
عند هذا الحد، و ثار البركان... الجميع من حولي يقفون إلى صفه ضدّي، الكل يطلب مني ترك تاي هنا.. و يرى أنه التصرف السليم، و قد يكون كذلك، و قد يصدر من إنسان عاقل ، أما أنا..في هذه اللحظة فمجنون، و حين يتعلّق الأمر بتاي فأنا أجن المجانين...
سألت الصغيرة :
" أين هو ؟ "
أشارت إلى الغرفة التي يجلس بها
قلت :
" أ أستطيع الدخول ؟ "
كررت :
" أ أستطيع الدخول ؟ "
قالت سيلا :
" أجل ... "
و سرت ُ نحو الغرفة ، و أنا أنادى بصوت عال مسموع :
" تاي ... تاي "
طرقت الباب، ثم فتحته بنفسي، و أنا مستمر في النداء... الجميع تبعني، و رموني بنظرات مختلفة المعاني، لا تهمني، كما لا يهمكم سردها هنا وجدت صغيري واقف و على وجه بدا التوتر و القلق...
قلت :
" تاي ، هيا بنا ... "
هزّ رأسه اعتراضا و ممانعة ، فقلت بصوت جعلته أكثر حدّة و خشونة :
" تاي ، هيا بنا، سنرحل فورا "
تاي تكلّم قائل :
" لن أرحل معكم ، اذهبوا و اتركوني و شأني "
رفعت صوتي أكثر و قلت بلهجة الإنذار الأخير :
" تاي، أقول هيا بنا ، لأنه حان وقت الرحيل، و أنا لن أخرج من هنا إلا و أنت معي "
قال تاي بتحد ٍ :
" لن أذهب ! "
في هذه اللحظة، استخدمت بقايا الشحنة المكبوتة في يدي ..التي حدّثتكم عنها.. على حبيب قلبي ، تاي أسرعت نحوه، و أمسكت بذراعه بعنف، و شددته رغما عنه و أجبرته على السير معي نحو الباب ... من حولي كان الجميع يهتف و يستنكر و يعترض ، و لكنني أبعدت ُ كل من حاول اعتراض طريقي بعنف، و دفعت جين دفعة قوية صفعته بالجدار خاله تاي حاولت استيقافي و صرخت في وجهي ، و مدّ تاي ذراعه الأخرى و تشبث بخالته، و بابن خالته ، و بكل شيء...إلا أنني سحبته من بين أيديهم بقسوة سيلا و أمها حاولتا ثنيي عما أقدمت عليه فكان نصيبها زجرة قوية مرعبة فجّرتها في وجهيهما كالقنبلة... نحو المخرج سرت و لحق بي جين و البقية من بعده فأنذرته :
" عن طريقي ابتعد لأنني لا أريد أن تصيبك كسور أنت في غنى عنها "
" من تظن نفسك !؟ اترك ابن خالتي و إلا .. "
استخرجت المفتاح من جيبي و فتحت باب السيارة المجاور لمقعد السائق، و دفعت تاي عنوة إلى الداخل ، و أقفلته من بعده .
و الآن.. علي ّ أن ألقّن جين درسا ، ليعرف جزاء من يتجرّأ على اخذ حبيبي منّي ...
كنت أنوي إيساعه ضربا، إلا أن تدخّل من حولي جعلني أكتفي ببعض اللكمات التي لا تسمن و لا تغني من جوع، و لا تخمد بركانا جنونيا ثار في داخلي بلا هوادة . وسط المعمة و البلبلة و الصراخ و الهتاف، و استغاث تاي و ضرباته المتتالية لنافذة السيارة ، و الفوضى التي عمّت الأجواء، التفت أنا إلى سيلا و الخالة ليندا و هتفت بقوة :
" ماذا تنتظران ؟ هيا إلى السيارة "
و توجّهت إليها باندفاع، فركبتها و فتحت الأقفال لتركب الاثنتان، و أوصدها مجددا، و أنطلقت بسرعة ...
قطعنا مسافة طويلة، و نحن في صمت يشوبه صوت محرّك السيارة، و صوت الهواء المتدفق من فتحة نافذتي الضيقة، و صوت بكاء تاي المتواصل...
لم يتجرّأ أحد على النطق بكلمة واحدة... فقد كنا جميعا في ذهول مما حصل..
لم أتخيّل نفسي... أقسو على صغيري بهذا الشكل..ولكن .. جن جنوني لفكرة أنه باقي ببيت خالته، ...
و إن كان آخر عمل في حياتي، فأنا لن أسمح لأحد بأخذ تاي منّي مهما كان..و مهما كانت الظروف.. و مصيرك يا تاي لي أنا...
" أما اكتفيت بكاء ً ؟ هيا توقّف فلا جدوى من هذر الدموع ... "
قلت ذلك بأسلوب جاف ، جعل سيلا تمد يدها من خلفي، و تلامس كتفي قاصدة أن أصمت و أدع تاي و شأنه.... صمت ّ فترة لا بأس بها، بعدها فقدت أي قدرة لي على التركيز في القيادة، و أنا أرى تاي مستمر في البكاء إلى جانبي... أوقفت السيارة على جانب الطريق، و التفت إليه ... كانت بسند رأسه إلى النافذة، في وضع تخشع له قلوب الجبابرة..فكيف بقلب جونغكوك ؟؟
" صغيري ... "
ألقى علي نظرة إحباط و خيبة أمل أوشكت معه أن أستدير و أعود أدراجي و أوصله إلى بيت خالته ... إلا أنني تمالكت نفسي ...
" تاي ... أنا آسف ... "
لم تعر جملتي أية أهمية، و ظل على ما كان عليه...
" أرجوك يا تاي... قدّر موقفي، لا أستطيع تركك في مدينة و أسافر أنا إلى أخرى ! إنك تحت مسؤوليتي و لا يمكنني الابتعاد عنك ليلة واحدة "
لم أر منه أي تجاوب، مددت يدي بعد تردد و أمسكت ُ بيده ، فسحب يده بقوة و غضب :
" اتركني ... "
قلت :
" لا أستطيع أن أتركك في أي مكان ... "
تاي أجاب بانفعال :
" و أنا لا أريد الذهاب معك ! أهو جبر ؟ أهو تسلّط ؟ لا أريد السفر معك ... أعدني إلى خالتي .. أعدني إلى خالتي .. "
و أجهش بكاء قويا ...
قلت أنا :
" سنعود لزيارته حين ننهي مهمتنا ، و سنبقى هناك القدر الذي تريد "
صرخ تاي :
" أريد العيش معهم مدى الحياة ! ألا تفهم ذلك ؟ "
اشتط غضبي من هذه الجملة، فأمسكت بيده مجددا و شددت قبضتي عليه و قلت بحدة و أنا أضغط على أسناني كأني أمزّق حقيقة أكرهها بين نابي ّ :
" لن أدع لك الفرصة لتحقيق ما يدور برأسك.. و أقسم يا تاي... أقسم بأنه ستمضي سنون خمس على الأقل، قبل أن أسمح لأي شخص بالزواج منك .. و إن كان ابن خالتك يطمع بك، فلينتظر هو بالذات عشر سنوات حتى أسمح له بطرح الفكرة ، و إن تجرأ على إعادة عرضه ثانية قبل ذلك .. فوالذي لم يخلق في داخلي قلبين اثنين، لأقننه درسا يُنسيه حروف اسمه ... و دون ذلك، لن يبعدك شيء عني ّ غير الموت.. الموت و الموت فقط "
لم أدرك تماما خطورة ما تفوّهت به ، إلا بعد أن رأيت تاي يحملق بي بذهول شديد، و قد تبخّر الدموع التي كانت تجري على وجنتيه... و ألجم حديثي لسانه و منعه حتى عن التأوّه من شدة قبضي على يده.... ربما أكون قد كسرت أحد عظامه أو حرّكت أحد مفاصله.. لقد كنت أضغط بقوة شديدة... أصابت عضلات يدي أنا بالإعياء... سكون تام خيّم علينا، ما عاد هناك صوت للمحرك، و لا للهواء ، و لا لتاي، و لا لأي شيء آخر.. حررت يد تاي من قبضتي، فرأيته محمرّة.. و بالتأكيد مؤلمة... إلا أن تاي لم يظهر عليه الألم، و لم يسحب يده بعيدا عني ، كما لم يرفع عينيه المذهولتين عن عيني ...

YOU ARE MINحيث تعيش القصص. اكتشف الآن