هممت ُ بإغلاق النافذة فأصدرت صوتا... فرأيت جين يلوّح بيده نحوي و يهتف :
" تاي... تعال "
تبادلت النظرات و بقيت مكاني...
قال جين:
" جونغكوك يرغب في الحديث معك "
عندها ابتعدت عن النافذة و وضعت يدي على صدري أتحسس ضربات قلبي التي تدفقت بسرعة فجأة...
و لما لم تظهر على وجهي التعبيرات التي توقعها بدا الجد في نظراته و سألني:
" ما الأمر ؟؟ "
قلت و أنا مكفهر الوجه و يدي لا تزال على صدري :
" لا بد أنه سيغادر الآن... "
نظر إلي جين باستغراب... بالطبع سيغادر... و جميعنا نعلم أنه سيغادر!... ما الجديد في الأمر...؟؟
قلت :
" لا أريده أن يبتعد عني .. لا أحتمل فراقه... أريده أن يبقى معي... و لي وحدي... أتفهم ؟؟ "
في وسط الحديقة... على العشب المبلل برذاذ الماء... و بين نسمات الهواء الرائعة المدغدغة لكل ما تلامسه... و تحت نور باهت منبعث من القمر المتربع بغرور على عرش السماء... وقفنا وجها لوجه أنا و جونغكوك قلبي...
لأصف لكم مدى لهفتي إليه... سأحتاج وقتا طويلا... و لكن الفرصة ضئيلة أمامي... و العد التنازلي قد بدأ...
جين و والدة دخلا المنزل تاركـَين لنا حرية الحديث بمفردنا... و إن كنت لا أعرف أي حديث سيدور في لحظة كهذه ...؟
نسمات الهواء أخذت تشتد و تحوّلت دغدغاتها إلى لكمات خفيفة لكل ما تصادفه
جونغكوك بدأ الحديث من هذه النقطة :
" يبدو أن الريح ستشتد... إنه إنذار باقتراب الشتاء ! "
" نعم... "
" المكان هنا رائع... "
و هو يشير إلى الحديقة من حوله...
" أجل... "و نظر إلي و قال :
" و يبدو أنك تستمتع بوقتك هنا... "
هززت رأسي إيجابا...
قال بصوت دافئ حنون :
" هل أنت ... مرتاح؟ "
قلت بسرعة :
" بالطبع... "
ابتسم برضا ... ثم قال :
" يسرني سماع ذلك... "
هربت من نظراته و سلطت بصري على العشب... ثم سمعته يقول :
" ألا... تريد... العودة إلى المزرعة ؟ "
رفعت رأسي بسرعة و قد اضطربت ملامح وجهي...
جونغكوك قال بصوت خافت :
" لا تقلق... فأنا لن أجبرك على الذهاب معي... "
ثم أضاف :
" أريد راحتك و سعادتك يا تاي ... و سأنفذ ما ترغب به أنت مهما كان... "
قلت موضح :
" أنا مرتاح هنا بين أهلي... "
و كأن الجملة جرحته ... فتكلّم بألم :
" أنا أيضا أهلك يا تاي... "
تداركت مصحح :
" نعم يا جونغكوك و لكن ... و لكن ... "
و ظهرت صورة الشقراء مشوهة أي جمال لهذه اللحظة الرائعة ...
أتممت :
" ولكنني... سأظل أشعر بالغربة و التطفل هناك... لن يحبني أحد كما تحبني خالتي و عائلتها... و لن أحب أحدا لا تربطني به دماء واحدة ..."
نظر إلي ّ جونغكوك بأسى ثم قال :
" تعني. سيلا...؟ "
فلم أجب، فقال :
" إنها تحبك و كذلك الخالة... و هما تبعثان إليك بالتحيات "
قلت :
" شكرا ، أنا لا أنكر جميلهما و العجوز علي... و لو كان لدي ما أكافئهم به لفعلت... لكن كما تعلم أنا فتى يتيم و معدوم... و بعد رحيلهما لم يترك والداك لي شيئا بطبيعة الحال... "
و هنا توتر جونغكوك و قال باستنكار :
" لم تقول ذلك يا تاي ؟؟ "
قلت مصر:
" هذه هي الحقيقة التي لا يجدي تحريفها شيئا... أنا في الحقيقة مجرّد فتى يتيم عالة على الآخرين... و لن أجد من يطيقني و بصدر رحب غير خالتي "
و ربما أثرت جملتي به كثيرا... فهو قد لاذ بالصمت لبعض الوقت... ثم نطق أخيرا:
" على كل... لا داعي لأن نفسد جمال هذه الليلة بأمور مزعجة... "
ثم ابتسم ابتسامة شقّت طريقها بين جبال الأسى و قال:
" المهم أن يكون صغيري مرتاح و راضي... "
ابتسمت ممتن...
قال :
" حسنا... يجب أن أذهب الآن قبل أن يتأخر الوقت أكثر... "
تسارعت ضربات قلبي أكثر... لم أكن أريده أن يرحل... ليته يبقى معنا ليلة واحدة...أرجوك لا تذهب يا جونغكوك...
قال :
" أتأمر بأي شيء ؟ "
ليتني أستطيع أمرك بألا ترحل يا جونغكوك!
قلت :
" شكرا لك "
كرر سؤاله :
" ألا تحتاج لأي شيء ؟ أخبرني صغيري أينقصك أي شيء؟؟ "
" كلا... "
" لا تتردد في طلب ما تحتاجه منّي... أرجوك تاي... "
ابتسمت و قلت :
" شكرا لك... "
جونغكوك أدخل يده في جيبه ! أوه كلا ! هل يظن أنني أنفقت تلك الكومة من النقود بهذه السرعة ؟ لست مبذر لهذا الحد !
كدت ُ أقول ( كلا ! لا أحتاج نقودا ) لكنني حين رأيت هاتفه المحمول يخرج من جيبه أن ألجم لساني عن التهور !
و للعجب... جونغكوك قدّم هاتفه إلي ّ !
" ابقي هذا معك... اتصل بي في المزرعة متى احتجت لأي شيء..."
نظرت إليه باندهاش فقال :
" هكذا استطيع الاتصال بك و الاطمئنان على أوضاعك كلما لزم الأمر دون حرج"
بقيت أحدق في الهاتف و في جونغكوك مندهش...
" و ... لكن ... !! "
صدر التلكين منّي فقال جونغكوك:
" لا تقلق، سأقتني آخر عاجلا... يمكنني الاستغناء عنه الآن ... خذ "
و بتردد مددت يدي اليمنى و أخذت الهاتف فيما جونغكوك يراقب حركة يدي بتمعن !
قال :
" لا تنسى... اتصل بي في أي وقت... "
" حسنا... شكرا لك "
جونغكوك ابتسم بارتياح... ثم بدا عليه بعض الانزعاج و قال :
" سأنصرف الآن و لكن... "
و لم يتم جملته، كان مترددا و كأنه يخشى قول ما ود قوله... تكلمت أنا مشجع :
" لكن ماذا جونغكوك ؟؟ "
أظن أن وجه جونغكوك قد احمر ! أو هكذا تخيّلته تحت ضوء القمر و المصابيح الليلية الباهتة...
جونغكوك أخيرا نظر إلى عيني ثم إلى يدي الممسكة بالهاتف ثم إلى العشب... و قال:
" لا لا شيء "
جونغكوك تراجع ببصره من العشب، إلى يدي، إلى عيني ّ
أنت تقرأ
YOU ARE MIN
Romance،شعرت بشيء يسيل على خدي رغما عني بكيت من الذعر و الخوف ... و الحيرة و الدهشة ... لا أعرف كيف سيكون لقاؤنا التالي ... لم يعد هذا جونغكوك ! جونغكوك لم يكن يصرخ في وجهي و يقول : " انصرف " كان دائما يبتسم و يقول : " تعال يا تاي !! " " لن أصدّق.. إنك...