على الرمال الناعمة بمحاذاة الشارع جلست بين تاي و هانا بعدما أعيانا طول الوقوف و الانتظار..
و من حولنا أناس كثر متفرقون .. نسمع بكاء النساء و الأطفال ..
أرى تاي يفرك يديه ببعضهما البعض بقوة و باستمرار و يهف عليهما طالب شيئا من الدفء . لقد كانت يرتجف بردا.. أكاد أسمع اصطكاك أسنانه بعضها ببعض..
أما هانا فكان وجهها مغمورا تحت ثنايا القميص و مستسلمة لصمت موحش..
لم تكن الشمس قد أشرقت بعد.. و كان التعب قد أخذ منا ما أخذ و نرى رجال الشرطة يجولون ذهابا و جيئة و أعيننا متشبثة بهم..
التفت ناحية تاي و سألته:
" أتشعر بالبرد؟"
الصغير أجاب بقشعريرة سرت في جسده.
أنا أيضا كنت أشعر بالبرد لا يدفئ جدعي سوى سترتي الداخلية الخفيفة..
لكن إن تحمّلت أنا ذلك ، فأنّى لفتى صغير تحمّله ؟؟
ألقيت ُ نظرة على مجموعة من رجال الشرطة المتمركزين قرب السيارات ثم قلت:
" دعانا نذهب إلى السيارة "
و وقفت فوقفت هانا و تاي من بعدي و سرت فسارا خلفي تمسك كل منهما بالأخر حتى صرت قرب رجال الشرطة..
نظروا إلى بتشكك.. و سألني أحدهم عما أريد
" أود البقاء في سيارتي فقد قرصنا البرد"
" عد من حيث أتيت يا هذا "
" لكن الجو بارد ٌ جدا لا تتحمل قسوته "
الشرطي نظر إلي و لم يعلّق.
فقال آخر :
" ابقوا حيث الآخرين"
قلت بإصرار:
" سيموتوا بردا! "
ثم أضفت :
" هل تعتقدون أننا سنهرب ؟ سأعطيك مفتاح السيارة لتتأكد"
و أدخلت يدي في جيبي و استخرجت ُ مفاتيحي و مددتها إليه...
الشرطي تبادل النظرة مع زملائه ثم همّ بأخذ المفاتيح بما احتواها.
لقد كانت المفاتيح مضمومة في ميدالية أهداني إياها تاي .. انتزعت مفتاح السيارة من بينها و قدّمته إلى الشرطي و احتفظت بالميدالية و بقية المفاتيح.
حين أعطيته المفتاح ، سمح لنا بالتوجه إلى السيارة.
عندما فتحت الباب الأمامي الأيمن وقفت هانا و تاي عنده ينظران إلى بعضهما البعض، ثم انحى تاي جانبا سامح لهانا بالدخول .. و فتح هو الباب الخلفي .
حينما جلسنا في السيارة ، أخذنا الصمت فترة طويلة.. و بدأت أجسادنا تسترد شيئا من دفئها المفقود...
لم يكن أحدنا يعرف كيف يفكر ، كنا فقط في حالة ذهول و عدم تصديق .. منتظرين ما يخبئه لنا القدر خلف ظلام الليل..
أسندنا رؤوسنا إلى المقاعد علّها تمتص شيئا من الشحنات المتعاركة في داخلها..
و من حين لآخر ، ألقي نظرة على تاي و هانا أطمئن عليهما.. تاي اضطجع على المقاعد الخلفية و ربما غلبه النوم...
أطل من خلال النافذة على السماء فأرى خيوط الفجر تتسلل خلسة..
و مددت ُ يدي إلى مقبض الباب ففتحته و خرجت.. أغلقت الباب و مشيت بضع خطى مبتعدا قبل أن أسمع صوب باب ينفتح بسرعة و أسمع من يناديني..
" جونغكــــوك"
التفت إليه فرأيته يخرج من السيارة مسرع، يقصدني
أتيت إليه فأبصرت في وجهه الفزع المهول
" إلى أين تذهب ؟ "
قال لاهث ، فأجبت مطمئنا :
" ستفقد لأمور "
تاي هتف بسرعة :
" لا تذهب "
قلت :
" سأعود بسرعة "
" لا تذهب ! لا تتركني وحدي "
قلت مطمئنا :
" هانا معك ، لحظة فقط "
تاي حرك رأسه اعتراضا و إصرارا و هو يقول :
" لا تذهب .. ألا يكفي ما نحن فيه ؟ لا تبتعد جونغكوك أرجوك "
لم أستطع إلا أن أعود أدراجي ،
أنت تقرأ
YOU ARE MIN
عاطفية،شعرت بشيء يسيل على خدي رغما عني بكيت من الذعر و الخوف ... و الحيرة و الدهشة ... لا أعرف كيف سيكون لقاؤنا التالي ... لم يعد هذا جونغكوك ! جونغكوك لم يكن يصرخ في وجهي و يقول : " انصرف " كان دائما يبتسم و يقول : " تعال يا تاي !! " " لن أصدّق.. إنك...