أنت لستَ وحيدًا

167 12 53
                                    

لسنوات..
كنتُ منغمسًا بيني وبين نفسي..
في بحر أفكاري..
فسألت نفسي قائلًا : لماذا أنا هكذا..؟!
لماذا لم يحباني..؟!
إن لم يكونا يريداني منذ البداية لم انتظروا ولادتي..؟!
هل من السهل أن يتخلى المرء عن طفله..؟!
وانا لدي روح ! وانا إنسان أيضًا !
لماذا رحلا وتركتني..؟!
هل كنت سيئًا..؟! كثير البكاء..
لو علمت لجففت دموعي..
كنت طفلًا ! حاولت استيعاب الأمور كي افهم ما يجري حولي
لكن الأمر إستمر بالسير عكس التيار تمامًا..
أخترت مجابهته  ! ومنذ ذلك الحين لم أبكِ أمام أحد..
ولم يعثر عليّ أحد..
حتى ظهرت هي..
سمعت صوتها يناديني..
ألتفت ورائي لأرى إن كان حلمًا أم حقيقة..
أم أنها محض خيالات فحسب..
كالتي رأيتها أثناء نومي..
خشيت أن تختفي.. الا اراها مجددًا..
حتى شعرت بيدها الدافئة وهي تربت على كتفي..
تكترث لأمري.. وتسأل مرارًا وتكرارا عن حالي..
      كيف أشرح لكِ و أنا لست أدري أي عالمٍ هذا..
أي عالمٍ هذا الذي نعيش فيه..؟!
      خلت إن رويت مافي خاطري..
أن تخبرني ما يقوله الآخرون..
أخترت الصمت ناظرًا للأسفل..
وعيناي تفحص أمواج البحر عن كثب لعل من مخرج..
اراقب الزوارق التي صنعتها يداي
وهي تبحر حاملةً آمالي نحو العدم..
عاملتها ببرود ! فحري بها المغادرة !
لكنها لم تفعل..
نظرت إليّ بحنان كما لم ينظر لي أحد قط بهذه الطريقة..
أردت سؤالها : كيف تفعلين هذا..؟!
كيف تواسيني وتنسين نفسك..؟!
احتوتني بين ذراعيها..
ضمتني لحضنها..
لتحرر دموع عيناي من جفاف عانت منه لسنوات..

" أين أنت ..؟!
لم استطع الوصول إليكَ منذ الصباح ..!
و لا احد يعرف مكانك..!!
لحسن الحظ أن فولكان رآك
والا كنت سأجوب المدينة بأكملها..!!

شعرت بروحي وهي ترد لمكانها حين رأيته..
هرعت راكضة إليه..
وجلست برفقته..
كان قد صنع عدة قوارب صغيرة راميا اياها في النهر..
لم يذهب لعمله اليوم و لا يأتي للمدرسة إلا بحلول الامتحانات
وليس في السوق أيضًا..!! رباه ! أين عساه قد يكون هذا الشاب..
انتظرتُ جوابًا لتساؤلاتي تلك..
كنت قلقة بشدة..
خفت كثيرًا..خشية أن أصابه مكروه..
فإن احتجزته الظلال حبيسًا لها..
كيف سيعود إلي ضيائي..؟!

خفت عليك كثيرًا ، مالذي حدث لك..؟!
لم أنت هنا..؟! وما كل هذه ..؟!  "

ظل صامتًا لوهلة وهو ينظر إليهن..
خشيت هدوئه ذاك.. أن يشكل حاجزًا بيننا..
حتى عاود مخاطبتي بعطف ممزوج بحسرة قلبه..
كان دائمًا ما يستمع اليّ فحسب..
لم يكن ليخبرني بما أصابه حتى حلول هذا اليوم..
ولأول مرة.. شعرت بقربه نحوي بشكل أعمق مما كنا عليه قبلًا..
نبرته المكسورة تلك..
صوته المبحوح تذرعًا لأنفاسه المتقطعة..
تلك الدموع..
مزقت قلبي لأشلاء..
حاول مسحها سريعًا ثم تنهد بحرقة فور حديثه..

لعبة قدري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن