_الفصل الأول_
الرسـاله العشـرون و الأخيـرة...
" أكتب كلماتي تلك كـي لا تتهمـوا مخلوقًا بِـقتلي ، هذه رسالـتي الأخيرة للعالم المظلم ، كتبتها بِأَدمُع عيناي و تنهيدات روحي المرهقه ، وأنا في كامل وعيي و إدراكي بعـد أيام من الإمتناع عن تناول تلك الحبوب المهدئه التي وصفها الطبيب لي، فتلك الحبوب خبيثه، تتركني هامدة ،خامدة ، لا بريق في عيني ، ولا روح في جسـدي !
أخبروا والدي أنّي أحبه ، أخبروه أنه لم يتغافل يومًا عن الإهتمام بي و لم يتواني عن رعايتي و تدليلي، و اطلبوا منه العفو ، لا بد أنني سوف أحتاج إليه..
أمّا عن دائرة معارفي -المحدوده- أخبروهم أنه لا جدوي من النحيب الآن، فلقد إستهلكت جميع رسائلي السابقة مُستجديةً إيّاهم و لكن الجميـع بات منشغلًا ، علي ما يبدو أن لكلٍ منهم حياه كانت تتسع للكثير من الهموم ما عدا أنا.
رسالتـي تلك لن تندسّ بين قريناتها كالسـابق ، سوف أتركها أينما تفارق روحي النقية ذلك الجسـد الذي دنّسته النوايا الخبيثـه.!
إنّي راحلة والأسف يملأُ فؤادي علي الخلائق التي لم تُدرك بعد أن سبيل الموت لم يَكُن يومًا أول ما جال بخاطـر سالِكـوه و عَمَت أبصارهُم عن كل المحاولات المُهـدره بين السطـور !
و خِتـامًا ؛ إن وُجِد بعد موتي من يَزعُم أنه كان يعشقني ، أخبروه بأنه لو أتي قبل دقائق معدوده فقط ، ما كنتُ سأصبح ما أنا عليهِ الآن !
هـذه الحيـاة ظالمة حقًـا.... "
طَوت تلك الورقه بعد أن أفضت بهـا ما بداخلـها و همّت بوضعهـا داخل ذلك المظروف قبل أن تنتشلـها الريـح من بين يديها و تسوقها إلي تحت أقدام ذاك الذي يقف مسلـوب الروح ،خائـر القوي.
إنحنـي ملتقطـًا إيّاها و دون تفكير بدأ في قراءتها قبـل أن تتسع عيناه دهشًة و ينفرج فاه ذهولًا و تنطلق عيناه - لا إراديًا - في البحث عن تلك التي أقدمت علي إنهاء حياتها بكل شجاعـة.
رآها تخطو نحوه بكل ثبات ، عيناها فارغتان من كل شيء عدا الحـزن..
تحرّ قدميها جرًا وقد ناءت بِِحِملِها ثم نظرت إليه ، وقبل أن تتفوه بكلمه زاغ بصرها و سقطت بهدوء لتجد مكانها... هنا ، إلي جانب رسالتها... جوار أسفل قدميه.
إنتفض إثر صدمتها بالأرض الصلبه بقوة ، فإنحني بجزعِهِ يحاول إفاقتها ضاربًا بأصابع يده علي صدغيها بخفه ولكنها أبت أن تستجيب.
إلتقطها بعناية بين ذراعيه ، تحت نظرات التعجب والإستهجان من البعض و الفضول من البعض الآخر ثم ضمها إليه بقوة محاولًا فتح باب سيارته دون أن يفلتها من بين يديه، ثم وضعها علي المقعـد الخلفي و أغلق الباب بحذر ثم عاد إلي حيث كانت تجلس وأخذ حقيبتها و عاد إلي سيارته مرة أخرى متجهًا بها إلي المشفـي.