٢٩؛ اسمها نطاعة.

3.5K 433 19
                                    

[٩ من يوليو، ٢٠٢٢]
-

«ما أنتِ متحاوليش تقنعيني أرجع الربع ساعة اللي اتحركناها دي تاني!» قال سُهيل بجدية. 

«وأنت متحاولش تقنعني أستحمل ساعة وربع كمان!» قالت جود بغضب. 

«أنتِ مجنونة يا بنتي! أنتِ عارفة يعني ايه أرجع تاني! لسة هفضل ماشي شوية لحد اليوتيرن اللي لسة فاضل عليه عشر دقايق عشان أعرف أرجع، يعني هتضيعي مننا وقت بالهبل، وبنزين كمان! استحملي الشوية دول وخلاص» قال سُهيل منزعجًا.

فنظرت له جود بعينين دامعتين، وقالت: «لا لا.. بجد مش هقدر أستحمل، لو هقدر مكنتش عملت كل دا» 

فتنهد سُهيل وقال: «طب ما نشوف حل تاني!» 

فنظرت له جود بقلق من أن يفكر فيما تفكر فيه، وحينئذٍ ستقتله، فقالت بتوجس: «ابهرني!» فماذا قد يكون الحل الثاني في موقف مثل هذا؟! 

فقال سُهيل بينما يبتسم بمكر: «ننزلك على أي جنب وتتصرفي في الشارع» وهنا كانت تلك هي القشة التي قسمت ظهر جود، فهي لم تعد تحتمل حاجتها للحمّام، ولم تعد تستطيع تحمل هذا الإنسان بعد الآن. 

بدأت جود في الصراخ بشكلٍ هوجائي حيث لم تعد ترى أمامها، فهي شعرت بأنها أُهينت فيما فيه الكفاية اليوم، فبدأت تصرخ وهي تقول: «يا ماما، الحقيني، الحقوني خاطفني» وأخرجت رأسها من النافذة بجوارها بعدما فتحتها بسرعة، وبدأت تصرخ بصوتٍ أعلى قائلة: «حد ينقذني، الحيوان دا خاطفني، الحقوني أنا مخطوفة، الحقوني» 

في تلك اللحظة دهشة سُهيل علت ملامحها على وجهه، فهو لم يصدق ولو لوهلةٍ ما تفعله، وظن كما لو أنه يحلم! 

أوقف سُهيل السيارة فجأة على جانب الطريق، حتى كادت رأس جود تُقتلع وتسقط منها خارج السيارة، وصوت توقف السيارة كان عاليًّا حتى أنه أفزع السيارت الأخرى جميعها. 

عادت جود وجلست في مكانها، بينما تنظر له بتحدٍ، وقالت: «هترجع ولا لا؟» فنظر لها سُهيل وعلامات الاندهاش لم تخبُ من وجهه بعد، وقال: «أنا مش لاقيلك وصف! أنتِ غبية ولا عبيطة ولا بتستهبلي ولا ايه!» 

تجاهلت جود إهانته تلك وقالت بحدة مرة أخرى: «هترجع ولا لا!» 

ضغط سُهيل على ضروسه، ونظر لها بحدة، وقبل أن تُدرك جود ذلك كان سُهيل قد أغلق النوافذ كلها من جهاز التحكم الإلكتروني بجانبه، وابتسم بشر قائلًا: «لا» وبدأ في التحرك بالسيارة غير مهتمٍ لأيّ من كلامها، وصراخها الذي لم يتوقف. 

ظلت جود تحاول طوال الطريق فتح النافذة، ولكن دون جدوى، فسُهيل كان يقف دون ذلك، ويمنعها تمامًا عن فتحها، وظلت هي تصرخ وتهدده طوال الطريق، وقبل حتى أن تُدرك ذلك كان سُهيل قد عاد بها فعلًا إلى الاستراحة السابقة، ولكونها كانت غير مركزة مع الطريق، بل مركزة مع فتح النافذة والصراخ فيه؛ فلم تلاحظ أنه بالفعل في طريقه ليعود بهما مرة أخرى، وهو قرر تركها تصيح كالديك هكذا حتى ينتقم منها عن تصرفاتها الغبية. 

سُكَّر أسمر| أمان. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن