٤٤؛ ابن البطة المحروقة.

4.5K 430 57
                                    


[٩ من نوفمبر، ٢٠٢٢]

-
إن جعلتك تبتسم اليوم، ادعِ لي بالخير♡.
-

هذه الفترة كان الهدوء هو سيد الموقف، لا يتحدث أحد فيما حدث، وإن أرادوا ذلك فكانوا يتحدثون بعيدًا عن أذنيّ شدين؛ وهذا بعدما لاحظوا تعاملها مع الأمر بالتجاهل، وعدم رغبتها في الحديث عنه، ومحاولاتها لنسيانه والتعامل وكأن شيئًا لم يكن. 

كان سُهيل يجلس أغلب الأوقات في الحديقة أو يخرج ليفعل أي شيء ويعود مجددًا ليجلس فيها وكأنها المكان الوحيد الذي يستطيع الذهاب إليه، فلم يكن لديه الكثير ليفعله، وما زال يحتاج ليعرف ماذا سيفعل الآن بعدما توقف عن العمل مع راشد، ولم يعد له مصدر دخل ثابت. 

يضع قدمًا فوق الأخرى، بينما يستند بكوعه على الطاولة بجواره، وينظر إلى السماء شاردًا تمامًا، ويفكر في الكثير الآن، بينما يحاول إيجاد شيء يفعله كعمل له ولأخيه. 

وبينما هو شارد سمع صوتًا يقول بهلع: «سُهيل.. الحق يا سُهيل» فأنزل بصره بسرعة عن السماء، وقال بملل: «كل يوم نفس الحركة؟ فاكرة كدا يعني بتخضيني؟» 

ضحكت جود وقالت: «طب مثِّل إنك مخضوض طيب، اعمل أي منظر كدا متخليش شكلي وحش» 

فجحظت عيناه وقال بصدمة مزيفة: «يامي اتخضيت يامي» 

ضحكت جود أكثر، وقالت: «لا مش حلو، عايزين أداء أحسن من كدا المرة الجاية» 

فقال سُهيل ساخرًا: «حاضر هبقا أتدربلك على الخضة النهاردة ونجرب تاني بكرة» 

فقالت جود: «خلاص اتفقنا» وأكملت: «المهم بقا دلوقت.. أنا عايزة أشتري شوية حاجات من السوبر ماركت، تيجي معايا، ولا تجيبهم أنت؟»

فعقد سُهيل حاجبيه قائلًا: «طب وليه منحطش اختيار تالت وهو إنك تروحي لوحدك؟ هتتخطفي يا نُغة؟» 

فرفعت حاجبها الأيسر باستنكار، وقالت: «أنت عبيط يا سُهيل؟ أنت الحارس بتاعي يا ابني، أنت نسيت ولا إيه! مش أنت اللي مانعني أخرج لوحدي!» 

نظر لها سُهيل بعدم استيعاب، قائلًا: «أولًا مش محتاج أقول إنك أنتِ اللي عبيطة عشان دا واضح مش محتاج أقوله، ثانيًا أنا خلاص مبقتش الحارس بتاعك يا ست هانم من يوم ما كل حاجة اتكشفت، ومعلومة أخيرة إنه بقا عادي تخرجي لوحدك وتروحي وتيجي لأن محدش هيقرب منك أصلًا، ومن البداية أصلًا مكانش في خطر على حياتك، ومعرفش ليه ممكن حد يخطفك ويبلي نفسه ببلوى!» 

لم تبالِ جود كثيرًا بكل تلك الإهانات، ولكن ما جعلها تنظر له بصدمة هو أنها فجأة أدركت كل كلامه، وكيف أنها لم تفكر للحظة أنها أصبحت حرة الآن، وأن الخطر الذي كان على حياتهم لم يعد موجودًا، فقالت جود بينما تستوعب ببطء: «أنت عارف أنت عملت في مخي إيه دلوقت!» 

سُكَّر أسمر| أمان. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن