تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وأحيانا تأتي المصائر بما لا تشتهي الأنفس، ولكن أن تصبح أنت المتسبب في حدوث أسوأ مصائرك، تضحى كالغريق في دوامة المصائب المتوالية، والذي لن ينتشلك من هلاك محتوم، غير عودة الأمور إلى نصابها الطبيعي، واستقرار الوضع النفسي الهائج بداخل نفسك، مرت عليه عدة لحظات، كانت الصدمة متمكنة من سائر أعصابه، ثبت، تسمر، ولم يتزحزح من موضعه، بل اكتفى بالنظر إلى جسدها المفترش الأرض، وكأنما صاعقة أصابت جسده، وألجمته عن الحراك، أنينها المتألم، والذي بعث الروح فيه من جديد، هو ما أفاقه، وجعل أنفاسه تزداد في غير تصديق، فقد ظن لوهلة أنه على شفا فقدها كما البقية، وبدون أن يشعر، هرول إليها بقلب دب فيه الرعب، جلس بجوار جسدها الراقد على عقبيه، ومد يديه إليها ليرفعها عن الأرض، أسند ظهرها على جذعه، وراح يتفقد كلها بأعين مرتعدة، رأى عينيها مفتوحتين، ووجهها ظاهر عليه كل علامات الإعياء والتوجع، لم يرَ أي موضع ينز الدماء في جسدها، إلا أن قلبه رغم ذلك ما يزال نابضا بقوة، مسح بيده فوق جانب وجهها، وهو يسألها رغبة في الاطمئنان عليها، بصوت طاغي عليه الهلع:
-انتي كويسة؟ فيكي حاجة؟
رفعت عينيها له، وهي ترمش بأهدابها، وكل ما بها يرتجف، كانت تناظره وهي ضاممة ما بين حاجبيها، معبرة عن توجع بالغ، صرح به صوتها وهي تجيبه:
-لا لا مفيش حاجة، انا كويسة.
تنفس الصعداء، وشعر بالدماء تسير في عروقه من جديد، عندما تأكد أن الرصاصة لم تصِب جسدها، بينما هي حاولت النهوض، واتكأت بإحدى يديها على الأرضية، لتعاونها على استقامة جسدها، ولكنها شعرت بألم وخز أسفل بطنها، كتمت تآوهها وهي تتابع المحاولة، إلا أنه منعها عن الاستمرار، وهو يسألها مستفهما حول ما هو ظاهر أمام مرأى بصره، من علامات التوجع المرتسمة فوق وجهها:
-في حاجة بتوجعك؟
لم توارِ تألمها عنه، خاصة وأنها تشعر أنها ليست على ما يرام، وغير في مقدورها حتى النهوض بمفردها، وأخبرته بصوت خافت يصرخ بالتوجع:
-بطني وجعتني شوية، وبرتعش مش قادرة اتحكم في أعصابي.
أدرك أنه هو المتسبب في إيلامها وتلف أعصابها، حيث إنها ما كان ينبغي أن تُدفع بجسدها بمثل تلك الطريقة المنفعلة إلى أن ترتطم أرضا، وهي لم تتعافَ بعد من آلام ولادتها بشكل كامل، ولا يجب أن تتعرض لأي إجهاد بدني أو نفسي، ضم شفتيه بضيق، أمسك بذراعيها بإحكام، وساعدها على الوثوب، وهو يقول لها بصوت حانٍ -نادرا ما يحدثها به- يحمل الإهتمام لأمرها:
-اسندي عليا.
بمنتهى اليسر رفع جسدها عن الأرض، ولكنها بغير سهولة وقفت بجسد شبه منحنٍ، لعدم استطاعتها على الاستقامة بجسدها، لما يعصف به من آلام لا تحتمل، كتمت آنات كادت تتفلت من بين شفتيها، خشيةً من نهره لها، لأنها هي من عصيت أوامره ونزلت إليه، رغم تشدده على النقيض، بينما هو كز على أسنانه غضبا من نفسه، وبغضا على المتسبب في عصبيته، التي قادته إلى فعل أهوج، كاد يودي بحياتها، وفي تلك اللحظة، وجها بصرهما معا نحو الباب، الذي دلف منه جماعة من الحرس الخاص بالفيلا، ضخام الجثة، من الواضح أن سبب قدومهم، استماعهم إلى صوت الطلقة النارية، التي انطلقت من سلاح "عاصم" منذ لحظات مضت، سلطت هي نظرها نحوه، عندما صدح صوته الجائش يأمرهم بغير تساهل:
أنت تقرأ
مشاعر مهشمة الجزء الثانى - لم يكن يوما عاصما (مكتملة)
Randomيقال أن كلًا منا له من اسمه نصيب، ولكن ماذا إن وجدت اسمك لا يمت لك بأية صلة! ومفروض عليك أن تتعامل على أسس منافية للمعنى الضمني لذلك الاسم! فماذا ستكون إذًا الصلة الجامعة بينك وبين اسمك حينها؟ "عاصم"، عندما يقع الاسم على مسامعك، من المؤكد أن تظن حين...