الأنباء السعيدة تضفي على وجوه صاحبيها هالة من النور، وكأنهم قد ازدادوا نضارة وإشراقا مع قدومها، كان السرور ظاهرا على محياهم بصورة واضحة، فاليوم قد رزقهم المولى بثاني حفيد للعائلة، والمولود الأول للأبنة التي ظلت ضائعة، وغير معلوم حالها لأعوام، وما كان يجول بمخيلتهم أن مع إيجادهم لها، تحول حياتهم تحولا جذريا، يعود الفضل إليه بعد المولى عز وجل في رسم الابتسامة على وجوه الجميع، تبادلوا المباراكات والدعوات، والعبارات الإستهلالية فيما بينهم، عندما أبلغهم الطبيب بسلامة الأم والرضيع، ودلفوا مسارعين للغرفة التي انتقلت إليها "أسيف" مع رضيعها، بعدما تم تنظيفه، وإلباسه ثيابه، وكان الأسبق من بينهم "عدي"، الذي أدمعت عينيه عند رؤيته لملاكه الصغير، وانتظر بالقرب من زوجته -التي ما تزال تحت وطأة المخدر- ريثما تستفيق ليريها ثمرة حبهما، وجزء من روحهما، متجسدا في هيئة ملائكية تسر الناظرين.
انسل "مجد" من بينهم، تاركا الغرفة، عندما آتاه مكالمة عمل هامة، لكي يستطيع التحدث في هدوء، بعيدا عن الضوضاء المحيطة به في الداخل، وعند انتهاءه وبينما يضغط على موضع إنهاء المكالمة، لمح قدوم "جاسم" نحوه، بوجه عابس آثار غرابته، أكثر من مجيئه المفاجئ، حيث إن الجميع كانوا مستبعدين قدومه هو وشقيقته، لسفرهما لقضاء شهر عسلهما، بالطبع لم يكن السفر خارج البلاد، لتشددات الطبيب على ذلك، لئلا يصحب سفرهما بعض أعراض التعب المحتملة على "رفيف"، لما به من إرهاق بدني وعصبي ما يزال ممنوعا عليها التعرض إليه، ولكن توقع أن يعترض "جاسم" على إلغاء رحلتهما بتلك السرعة، عند علمهما بحدث ولادة "أسيف"، افترت شفتي "مجد" بابتسامة متسلية، وسأله بتفاجؤ لم يخبُ معالمه عن وجهه بعد:
-إيه ده العريس هنا؟ إيه اللي رجعكم؟
ناظره بنظرة مليئة بالإنزعاج، وأجابه باقتضاب شديد:
-اختك.
اتسعت ابتسامة "مجد"، وباتت حاملة لنوع من أنواع التشفي، وراح يعلق بهدوء مستفز:
-معلش بقى عايزه تطمن على اختها، عليك انت الاستحمال.
نفخ في ضجر، ودمدم في ضيق جم:
-ما كانت تطمن عليها في التليفون، حبكت يعني نرجع عشان ولدت.
لم يستحن "مجد" تقليله من شأن الحدث الجلل، من إنجاب شقيقته لمولودها الأول، حدجه بنظرة مغتاظة وأردف بغير رضاء لافتا نظره لأسلوبه الفظ في الحديث عن شقيقته:
-لاحظ إن اللي بتتكلم عنها دي اختي.
قابل كلماته باستخفاف وهو يلوح بيده، معلقا بلا مبالاة تحمل الاحتقان:
-يعني هي اول واحدة تولد؟
حملت نظرات "مجد" نفس نظرات الاستخفاف وهو يرد على ما قاله بنفس أسلوبه المتهكم:
أنت تقرأ
مشاعر مهشمة الجزء الثانى - لم يكن يوما عاصما (مكتملة)
Randomيقال أن كلًا منا له من اسمه نصيب، ولكن ماذا إن وجدت اسمك لا يمت لك بأية صلة! ومفروض عليك أن تتعامل على أسس منافية للمعنى الضمني لذلك الاسم! فماذا ستكون إذًا الصلة الجامعة بينك وبين اسمك حينها؟ "عاصم"، عندما يقع الاسم على مسامعك، من المؤكد أن تظن حين...