البارت الخامس

45 5 1
                                    

( إيفا / أوزوريس / 2021م - 3612ق)

لطالما آمنتُ أن لكل شخص مـن اسـمه نصيب كبير، قد يؤثر حتى على مجريات حياته.
يعنـي إسـمي بلغـة التريفـي الشجاعة أو الجريئة،
وبالفعل أنـا شـجاعة وجريئـة جـداً،
ولا يجـد الخـوف طريقاً إلى قلبـي بأي شكل من الأشكال. هذه نفسـي، كما أراهـا أنـا عـلى الأقل،
فأمي مـثلاً لم توافقني الـرأي، واعتبرت شجاعتي وجرأتي مجـرد طيش لا أكثر.

أظنهـا فـكـرت بـدافع المصلحة وليس بدافع الحب، لأننـي وريثتها الوحيدة، ولـو حـصـل لي أي مكروه فستنتهي عائلتنا الملكية.

كنت أجـدها حنونـة تـارة وقاسية تـارة أخرى. أحياناً شعرتُ إنها تريد أن تبوح لي بكل ما يحزنها، لكنها كانت تتراجـع في اللحظـة الاخيرة،وترتدي القنـاع الـذي اعتـادت على وضعه منذ ذلـك اليـوم الـذي قتل فيـه والـدي.

سمعت أن مـن قـتـلـه هـو المـلـك الأعـلى الـذي كـان الصـديق المقـرب لأمي، وبرغم ذلـك ظلت مملكـة التريفـي مواليـة لـه وتحـت حمايته.

لم يعـرف أحـد سـبباً لقتـل والـدي.
داهـم جـنـود ذلـك المـلـك قصـــــــرنا فجـأة، وأخـذوا أبي دون أن يتمكن أي تريفـي مـن الوقوف في طريقهم.
لقـد بـث المـلـك السـابق (تورمـانيوس) الرعب في قلوب الجميع،

لكنـة بنفس الوقـت وحـدهم، بطريقة لا أفهمهـا! ربمـا لا تنصـاع الشـعـوب إلا للخـوف والقـوة المفرطـة، وربما كانوا يعلمـون أشياء لم نعلمهـا مـن قبـل عـلى الرغم مـن الخـوف الـذي انتشـر في زمنـه، لكـن عـهـده كان آمناً

وموحـداً مقارنة بما نمر به الآن، فالملك الحـالي أسـوء مـلـك حـكـم أوزوريس منـد تـاريخ قيامتـه، قبـل ثلاثة آلاف وستمئة واثنـي عشر عاماً.

أحببتُ في معظم الأوقـات الخـروج بعيـداً عـن التريفي، وعـن القلعة وأوامر أمي غير المنتهية.
كنتُ أفضـل الجلوس بمفردي لأنظر للسماء وأفكـر، وأحياناً أطير وأجوب الغابات.
أشعرني ذلـك براحـة عقلية ونفسية، ولكـن غالبـاً مـا لـحـق بي أحـد المـزعجين، كـالتي لمحتهـا خـلـفـي في ذلـك اليـوم. تلـك الشمطاء، هي وصولجانها، تتبعني أينما ذهبت.

- أعرف أنك خلفي أيتها الحكيمة...

- وأنـا أعـرف بـم تفكرين الآن، أنـا أحـد المزعجين الذين يحبـون قطع خلوتك مع نفسك.

- أحسـنـت أنـت تقرئين الأفكـار بـشـكل مثـالي، إذن لمـاذا لا تدعيني وشأني؟ أم إنك مستمتعة بالتطفل على خصوصيتي؟!

- الأمـر لا يتعلق بالخصوصية، فأنـت مسـتقبل مملكتنـا، ولـديك مهمة بالغة الخطورة، لوقف الدمار الذي عم في أوزوريس.

- مـا الـذي تتفوهين بـه؟ هـل تـعـلـم أمـي بهـذا الكلام؟ لماذا لم تتكلم هي معي مباشرة بدلاً من إرسالك؟ أدرت وجهـي عنهـا وعـدث للنظـر إلى السماء واللعـب بالعشب، لإفهامها بأنني لست مهتمة بما تقوله، لعلها تنصـرف عني.

ملعون انترياسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن