ملعون انترياس

البارت الرابع عشر

حتى إيفا جئت وحنت رأسها ووضعت يديها أمام جبينهـا وهـما مقبوضـتان، ثـم أدارتهـمـا خـلـف رأسها، وكـررت الحركـة ثـلاث مـرات، قبـل أن تتحـدث معهـا بلغتهم الغريبـة.

بـدت غاضبة أو مستاءة منها، وهـي تشير إلى وتنظـر نـظـرة حانقة، قاموا بعـدها بأخـذي ورميـي في إحـدى الفجـوات الحجرية في أعمـق مـكـان في الكهف، وما إن أدخلوني حتى أغلق باب الحجـرة بحاجز شفاف أشبه بالزجـاج الأزرق، وبداخلـه أسـواط بيضـاء شـفافة اللـون تحتـوي زغبـاً مضيئاً وتتحـرك كالأفاعي الصغيرة.

لم يكـن الحاجز من زجاج بـل مـن مـادة غريبة، قربت يدي منه لألمسه فشعرت أن يدي خـدرت بالكامـل ولم تعـد تتحـرك، ثـم صـارت تؤلمني بشـدة كـأن جيشـاً مـن الـديـدان يأكلهـا بقيـث هكـذا لساعات، بينما وقـف اثنـان مـن الحـرس خارج حجرتي الصخرية الضيقة تلك.

قبل 12 عام.....

(كاثرين / 2010م)

فتحث الصندوق بعـد تشجيع ليندا وإلحاحهـا بـألا أؤجـل الأمـر. مـا أثار استغرابي كثيراً هـو احتفـاظ أمـي بتلـك القـلادة الغالية، وعدم بيعها للاستفادة من ثمنها في ضائقتنا المالية.

بدت القلادة باهظة الثمن، وتساءلت مـن أيـن لـنـا بتحفة مثلها. فتحـث الظـرف المرفق،والـذي اهترأ وتغير لونـه للأسـمـر بعـد سـنـوات الحفـظ الطويلة، وأخرجتُ الرسالة منـه بعنايـة، حملت الورقـة العتيقة رائحـة أمـي، وكانت مخطوطة بخط يدها الجميـل. كـان خطهـا كـالمزج رشيقاً وجـذاباً، كأنهـا تعـزف قطعة موسيقية عبر الكتابة.

"ابنتي الرائعة كاثرين... عنـدما تقرئين هـذه الرسالة أكـون أنـا قـد توفيـت.
لا أريدك أن تكرهيني فأنا أحببتـك دائمـاً وسـأحبك للأبد،
أنـا وآريان لم نكـن ننجـب الأطفـال، حتـى بعـد زواجنـا بعـشـرة أعـوام،
وكـان جـل أمنياتنا أن نرى طـفـلاً معنـا. في أحـد الأيـام جـاء آريان لي بطفلة رائعة الجمال كانت تختنق وتكاد تموت،
وجدها في سرير صغير خـاص بالأطفـال، وقـد امـتلأ سريرهـا بالمـاء وبجانبـه صـندوق خشبي. . فقمنـا بأخذها إلى المستشفى ونجـت بأعجوبة،
وكانـت هذه القلادة بداخل الصندوق، فعرفنا أنهـا قـد ضـاعت في عـرض البحـر مـن عائلتها،

لكننا تعلّقنـا بهـا لهـذا لم نبلغ بالعثور عليها.
حتـى أن جماعـة جـاءوا إلينـا برفقة الشرطة، يبحثـون عـن فتـاة ضائعة،
لكننـا كـذبنا عليهم وأنكرنـا وجـود طفلـة لدينا.

سافرنا بعـدهـا مـن المنطقـة التـي سـكناها وذهبنا لمكـان لا يعـرف بـه أحد.
وقتها ينسـنـا مـن إنجاب طفل وقررنـا بـدء حياة جديدة مع تلك الطفلـة التـي غمرتنـا بالسعادة وكانـت نـور حياتنـا لكـن سرعـان مـا بـدأ النـور بـالتلاشي مع وفاة آريان، وبقيت وحيـدة أصـارع الـزمن معها.