البارت السادس

37 6 1
                                    

(كاثرين / 2022م)

استغربت السيدة كارلا مـما قلتـه، ولا ألومهـا، لأننـي بنفسـي أكـاد أجـن. كيـف انمحـى ذلـك مـن عـقـلي؟ مـا الـذي حـدث بعـد ذلك، ولم لا أتذكره؟

- ابنتي، هـل أنت متأكدة إنك لا تذكرين مـا الـذي حـدث بعـد ذلك؟!

- ألم أقل لك إنك لن تصدقيني؟ حكايتي غريبة ومجنونة. فترة طويلـة مـن حيـاتي لا أتذكرها، مسـحت مـن عـقـلي تماماً! لا أعـرف كيف، وحسب تفسير الأطباء فإن حالات مثـل هـذه من الممكـن أن تحـدث، لكنهـا نـادرة، وتأتي نتيجة انهيار أو صـدمة عصبية شديدة.

- يبدو أن مرآتـك ناقصـة يـا ابـنتـي... لكـن مـاذا عـن ابـنـك؟ ألا تتذكرين من والده؟

- ماذا تقصدين بأن مرآتي ناقصة؟

- الماضي هو مرآتنـا للـحـاضر... ولـن تتقدمي خطوة للأمـام إلا بعد أن تمتلكي ماضيك وحـاضرك معـا... لكنني متأكدة أن هنالك حل لكل شيء... أكملي يا ابنتي.

- آخـر شيء ذكرتـه لـك وهـو نـسـياني للصـندوق داخـل سـيارة الأجرة. كان ذلك في عام 2010 وعمـري وقتها تسعة عشـر عاماً.
مـا أتذكره بعـدهـا هـو إننـي استيقظت في مستشفى فخم،ممددة على سرير، وشعرت بوجـود مـصـل في يدي. فتحتُ عينـي ببطء

لأرى شـابة شقراء خمريـة البشـرة، ذات شـعـر قصـير كانت تجلس بقربي.
تمتمت بتثاقل:

- أين أنا؟ ومن أنت؟ ما الذي حدث؟

- كاثرين! حمـداً الله على سلامتك، وأخيراً عـدت لنـا! مـا بـك هـل نسيتني؟! أنا ليندا...

- لم أفهم ما الذي كان يحدث، وكأنني في حلم.

- مـن لينـدا؟! لا أعـرف أحـداً بهذا الاسم. لماذا أنـا بالمستشفى؟ هـل صـدمتني سيارة في أثنـاء لحـاقي بالتاكسـي؟ هـل أخـذ الصندوق؟

- عزيزتي كاثرين... أي صندوق؟!

- صندوق خشبي، أعطتنـي إيـاه أمـي قبـل أن أفقـدها. إنـه مـع السائق الآن، تركتـه في حقيبتـي الصـغيرة... أريـد تـقـديـم بـلاغ للشرطة.

- مهـلا لا تقولي لي انـك تقصـدين ذلك الصـندوق بعينـه ! لكـن تلك الحادثة حصلت قبل سبعة أعوام، وقد استعدت صندوقك في وقتها.

هنا أصبت بصدمة... من تلك الشابة ومـن أيـن تعرفنـي وتعـرف بأمر الصندوق؟

- ماذا تقولين؟! هـل تحـاولين خـداعي؟! صحيح إننـي لستُ من لندن، لكنني لستُ غبية. لقد فقدتُ وعيي لدقائق فقط...

- صدقيني، إننـا الآن في عام 2017! أنت لم تفـقـدي الـوعـي طـول هـذه الفترة، بـل كنـت بيننـا وعشت حياتـك، وأكملت دراسـة الهندسـة. أنظـري إلى لغتـك السلسـة والمطابقـة للهجتنـا يـا كاثرين!
فعلاً كنتُ أتحدث بلغـة ولهجـة جـديـدتين علي، لكننـي تكلمت بإتقان وتلقائية أيضاً.

ملعون انترياسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن