الفصل الرابع و الأربعون.....
و في أول يوم لهما بالمنزل الجديد.. كانت سارة تنام بالغرفة التي تركها عاصم بها و اتجه هو للغرفة المجاورة لها حتى يستقر بها..
ظلت تبكي لمدة ليست بقليلة.. بكت على حياتها التي لم تكن لتمهلها هدنة و لو لوقت قليل.. بكت وليدها التي لم تتاح لها فرصة حمله بين يديها ولا حتى النظر له.
بكت زوجها و حبيبها التي تعامله بطريقة قاسية و لكن دون إرادتها.. بكت خوفها أن يتركها وحيدة أو أنه لن يتحمل حزنها و يبتعد عنها.إعتدلت بعد قليل على الفراش و أراحت رأسها على وسادتها و ظلت دموعها تنهمر بصمت حتى غاصت في نوم عميق و لكنه لم يكن مريح ابدا على الاطلاق....
فقد ذهب ذهنها بأحلامه في نزهة مع ياسين وليدها.. فقد كانت تجري و تمرح معه هو و والده عاصم في حديقة غنّاء جميلة يفترشها اللون الأخضر يتخلله مختلف ألوان الزهور الجميلة التي تنبعث منها الروائح الطيبة.
و كانت تلعب مع ياسين و هم يختبئون من عاصم الذي كان يبحث عنهما خلف الأشجار او بين الأزهار و الزروع.. و ما أن وجدهما عاصم حتى باغتهما و إنقض عليهما و سقطوا جميعاً في الأرض وسط صراخهما الضاحك المرح.
و لكن سارة و ياسين لم يرتضوا بالهزيمة و قاما ليجعلا عاصم ينام على العشب و انقضا عليه بالضربات المرحة.. و كان صوتهم يعلو بنغمات الضحك السعيد.
و لكن فجأة تركهما ياسين و ذهب بعيداً و أخذت سارة تنادي عليه...سارة: ياسين.. ياسين حبيبي.. تعالى هنا ماتبعدش.
عاصم: سيبيه يا سارة براحته.. سيبيه.
سارة: لا يا عاصم دة بعد اوي.. ياسين.. تعالى هنا.و لكن الطفل لم يلتفت لندائها و ظل يركض بعيداً حتى اختفى عن أنظارهما.. ثم وقفت هي تبكي و تصرخ عليه حتى يعود و لكنه لم يستمع لها و وقف عاصم يواسيها و يهدهدها..
سارة: ياسين.. تعالى حبيبي ارجع.
عاصم: سيبيه يا سارة.. سيبيه يمشي.
سارة: لا يا عاصم انا عايزاه يرجع.
عاصم: هايجي غيره.. هايجي تاني.
سارة: لا انا مش عايزة غيره.. انا عايزة ياسين.. ياسين.. تعالى يا ياسين.و لم تهدأ و ظل ندائها في التزايد و هي تنادي على طفلها..
أما عاصم...
فقد كان في غرفته و لم يغمض له جفن.. فقد كان حائراً في أحواله و أحوال زوجته.. كان يقف في الشرفة سارحاً تائهاً متمزق القلب على ما حل بهما.
كان يفكر في سارة و حالها الذي لا يسر عدو ولا حبيب.. نفسيتها التي تدمرت لما حدث و هي حتى لم تعلم الحقيقة كاملة..
و في ولده الذي تمناه طويلاً و انتظره كثيراً.. و لم يمهله القدر الوقت الكافي لكي يسعد به..
جلس أخيراً بعد مدة على كرسي يقع بداخل الشرفة حتى سمع صوت سارة تستغيث و هي تنادي على ياسين.
وقف بتعجب حتى تأكد مما سمع.. فقد كان صوتها و هي تنادي على ياسين و تطلب مساعدة عاصم..سارة(أثناء نومها): ياسين.. ياسين استنى.. الحقه يا عاصم.. هاتهولي يا عاصم... ياسييييين.
عاصم(في غرفته): سارة.. دة صوت سارة.