الفصل الخامس و الاربعون

3.6K 119 3
                                    

الفصل الخامس و الأربعون...

مر بعض الوقت أيضاً و قد استقرت أحوالهم في القاهرة.. و بدأت الحياة في أن تعود لمجراها الطبيعي،
و لكن مع كل أسف سارة لم تعود..
فقد إستسلمت تماماً لحالة الإكتئاب التي إحتلتها.. فلم تخرج و لم تتحدث وحتى لم تعود لعملها و لا لدراسة رسالتها.. مما أثر على نفسيتها و صحتها بشكل أكبر.
فقد بهت لون بشرتها.. و فقدت الكثير من الوزن نظراً لقلة طعامها و سوء حالتها النفسية..
و كانت حالتها تلك تؤلم قلب عاصم للغاية.. فقد كان يقف أمام ذبولها و كأنه مقيد اليدين يشعر بالعجز أمام ضياعها و هو يشاهدها تبهت أمامه رويداً رويداً.

و في أحد الأيام كان عاصم عائداً من عمله الذي أصبح يذهب له فقط كي لا يضغط على سارة بوجوده معها كما كانت تعتقد..
دخل إلى المنزل ليقابله الفراغ كما إعتاد و لكنه رأى فاطمة تدخل الى المنزل من الحديقة الخلفية.. فقد ظن أن وجود فاطمة بجانب سارة قد يساهم في تحسين حالتها و لو قليلاً و لكن حتى فاطمة كانت تجد صعوبة في التعامل معها في الوقت الراهن..

فاطمة: سي عاصم.. حمد الله بالسلامة.
عاصم: الله يسلمك يا فاطمة عاملة ايه.. مرتاحة هنا؟
فاطمة: كله بحسك يا سي عاصم.. شالله يخليك.
عاصم: انا عارف ان أحنا جبناكي هنا فجأة كدة بس اديكي شايفة الظروف.. ستك سارة و اللي حصل لنا كان كتير.. و انا عارف ان سارة بتحبك و حاسس ان وجودك معاها هايفرق كتير..
فاطمة: واه يا سي عاصم.. هو اني في ديك الساعة لما اخدم الست سارة.. دة اني اچيلها على نن عيني.
و إذا كان على البلد فأني مبسوطة جوي جوي اهنه.. اجله الشغل اهنه ماهايجطمش الوسط كيف دوار العمدة.
عاصم: طيب يا ستي الحمد لله ان انتي مبسوطة هنا معانا.. المهم فين ستك سارة؟
فاطمة: جاعدة في الچنينة برة.. نشفت ريجي عشان اخليها تخرچ من اوضتها و تنزل معايا.
عاصم: فطرتيها يا فاطمة؟
فاطمة: خدت حتة عيش من بتاع الخوجات ده اللي اسمه.. اسمه إيه ده....
عاصم(ابتسم على فطرتها): توست؟
فاطمة: ايوة.. هو اللي دوست على حد دة.. عملتهولها بمعلقة مربى مشمش و معاه فسكافيه ده بلبن و خلصتهم بطلوع الروح.
عاصم: طيب كويس يا فاطمة... دة انتي طلعتي اجدع مني.. دي ماكنتش بتدوق الزاد حرفيا... برافو عليكي.
فاطمة: شالله يخليك يا سي عاصم.
عاصم: طيب بقولك إيه.. حضريلنا الغدا بقى عبال ما اجيب سارة و اجي.. احسن انا واقع من الجوع و واحشني اكلك اوي يا بطة.
فاطمة: بس اكده؟؟ من عينيا التنين... ربع ساعة و الوكل يكون على السفرة.. طيارة.

تركته و اتجهت للمطبخ و اتجه هو لسارة كي يحاول ان يقنعها بتناول بعض لقيمات الطعام ككل يوم...
دخل إلى الحديقة ليجدها جالسة إلى أحد المقاعد بلا حركة.. بل بلا روح فتوجه نحوها و جلس بجوارها فلاحظت هي وجوده و نظرت له و قالت....

سارة: عاصم.. انت جيت؟
عاصم(قبل كف يدها و لم يفلته): آه يا روحي.. لسة حالا.
سارة(سحبت يدها منه بتوتر و حاولت الهرب): طيب انا.. انا هاقوم اخلي فاطمة تحضرلك الغدا.
عاصم: خليكي.. انا قولتلها.
سارة(بتوتر): طيب.. طيب قوم غير هدومك عشان تتغدى.. هي مش بتاخد وقت أصلا زمانها حضرتلك السفرة.
عاصم(اخفي تعجبه بهدوء): تحضرها ليا لوحدي؟ انتي مش هاتاكلي معايا ولا إيه؟
سارة(بتهرب): معلش اصلي.. اصلي لسة يادوب مخلصة فطاري و مالحقتش اجوع.
عاصم: معقولة لحد دلوقتي.. دي الساعة قربت على 5 المغرب.
سارة: صدقني يا عاصم مش جعانة.
عاصم(تنهد بتعب): لإمتى يا سارة.. لإمتى هاتفضلي كدة..
سارة: قصدك إيه..
عاصم: قصدي على حالك دة.. طيب مافكرتيش فيا انا.. لو جرالك حاجة انا هاعمل ايه من غيرك.. هاعيش ازاي.. هاتسيبني ارجع اكون لوحدي تاني و انتي عارفة اني مش هقدر اعيش من غيرك...
سارة(فركت أصابعها بخجل): انا عارفة اني تعبتك معايا اوي.. بس صدقني انا مش عارفة ارجع لنفسي.. مش قادرة انسى.. حاسة أن حياتي خلاص.. وقفت ولا يمكن خلصت.
عاصم: لا يا سارة... حياتك لسة ماخلصتش يا حبيبتي.. حياتنا لسة فيها كتير.. حياتك ماينفعش تقف و لسة في حياة ناس تانية معتمدة عليها.. لسة فيها انا.. ولا هو انا قد كدة مابقاش ليا قيمة عندك..
و بعدين مين قالك تنسي او انك المفروض تنسي بالسرعة دي.. بس لازم نحاول.. حاولي يا سارة عشان خاطري.

دوائي الضريرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن