13

66 7 19
                                    

وقفَتْ تيا إلى جانبِ سوبين عندَ البابِ بعيداً من طريقِ طيشِ بومغيو و غضبِه غيرِ المسبوق ، كانا يراقبان تحرّكاتِه في الغرفةِ من عندهما دون أن يصدرَ عنهما أدنى صوت ، فضجّةُ أفعالِه وحدَها كفيلةٌ بأن تنزلَ السّقفَ على رؤوسِهم إذا ما أيقظَتْ نامجون.
ظلَّتْ تيا ترجو و تصلّي في داخلِها لئلّا يقربَ السّريرَ فيجدَ مُحِقَّ الأمنياتِ متخفّياً أسفلَه ، فذلكَ سيؤدّي إلى واحدٍ من اثنين ، إمّا عقوبةٍ يطبّقُها السّاحرُ الأزرقُ على ابنِ خالِها ، و إلّا فهلاكِها على يديه.
فتّشَ بومغيو خزانتَها بأكملِها ، في داخلِ حجراتِها الثّلاث ، و أسفلَ أرضيّتِها ، و حتّى بين ملابسِها ، ثمَّ أقرَّ إذ لم يجد شيئاً أن يتوجّهَ نحو السّريرِ و يذهبَ باطمئنانِ تيا.
حاولَتْ أن تتقدّمَ منه فتوقفَه ، لكنَّ اندفاعَه قَدْ أخافَها كثيراً ، أكثرَ بكثيرٍ من غضبِ خالِها أو أيِّ بالغٍ آخرَ مرَّ في حياتِها ، و لذلكَ تراجعَتْ عائدةً إلى حمى سوبين مرّةً أُخرى.
خلعَ بومغيو الأغطيةَ من فوقِ السّرير و رماها جانباً ، ثمَّ هبطَ أرضاً يبحثُ أسفلَ السّرير ، كانَتْ رحلتُه في هذا الأمرِ بطولِ عمرِ تيا بأكملِه ، و قَدْ حسبَتْ لوهلةٍ أنَّها لن تنتهي إلّا بنهايتِها هي.
أغمضَتْ عينيها مستسلمةً لمصيرِها ، و انتظرَتْ أن تنتهي حياتُها بقلبٍ مرتجفٍ شبهِ راضٍ.
و أخيراً ، نهضَ بومغيو ، و خرجَ من الغرفةِ لوحدِه ، و دونَ أن يجدَ أيَّ شيء.
التفتَ سوبين نحو الخلف ، فرآه يقفُ أمامَ بابِ الغرفةِ يراقبُ ارتعاشَ تيا و يفكّرُ فيه.
أشارَ له في الخفاءِ كي يصلحَ شيئاً من خطئه ، ثمَّ ابتعدَ من طريقِه يحثُّه على التّقدّمِ منها.
فكّرَ بومغيو قليلاً ، ثمَّ اقتربَ منها بعدَ مرورِ هنيهةٍ و لامسَ كتفَها ، فانتفضَتْ خائفةً و استدارَتْ نحوَه ، كانَ ذهنُها غائباً تماماً عن عالمهم ، عائماً ما بين الخوفِ و التّأهّبِ و الأفكار ، و مترقّباً لفزعٍ أكبر

_"تيا.."

_"أكرهُكَ بومغيو!"

صرخَتْ في وجهِه على انفعالٍ عجيب ، فتجمّدَ تماماً ، و ظلَّ واقفاً لا يقدمُ على حركةٍ أو نطقِ كلمة ، حتّى شكَّ قريباه في حقيقةِ أنَّه ما يزالُ يتنفّسُ أيضاً.
تقدّمَ سوبين منهما بعدَ مرورِ ثوانٍ ليسَ فيها ما تُذكَرُ لأجلِه ، و شدَّ ذراعَ أخيه يسحبُه في طريقِه إلى الخارجِ قبلما يفتعلُ مشكلةً أُخرى

_"هيّا بنا"

.
.
.

أوصلَ سوبين أخاه إلى غرفتِه و أغلقَ عليهما البابَ فيها ، ثمَّ توجَّهَ نحو النّافذةِ و فتحَ السّتائرَ على أشدِّها ، علَّها تحدثُ تغييراً في جوِّهم قاتمِ اللّون.
كانَ الصّباحُ قَدْ لاحَ و أعلنَتْ عنه أشعّةٌ خافتةٌ عبرَتْ زجاجَ النّافذةِ إلى وجهِ بومغيو ، فارتدَّتْ بريقاً ، و كشفَتِ ابتلالَه أمامَ قلقِ أخيه ، و بدلاً من أن تكشفَ عن صدرِه غمومَه ، ضاعفَتْها

مُحِقُّ الأمنيات ~ TXTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن