وقفَ يونجون إلى قربِ البابِ يتابعُ كاملَ حيثيّاتِ المشهدِ دون التّدخّلِ فيه ، يعلمُ جيّداً أنَّ مجرّدَ رغبتِه في مساعدةِ تيا قد تهدُّ حياتَها و حياته ، لذلك سوف يحتفظُ بهذا الخيارِ حتّى آخرِ لحظة.
خرجَ رجالُ الشُّرطةِ بالأبِ و ابنتِه من بيتِ نامجون بعدَ مرورِ برهةٍ وجيزة ، و توجَّهُوا بهم إلى السّيّارةِ التّي جاؤوا بها ، أحسَّ يونجون أنَّ الثّورةَ على وشكِ الاندلاعِ بين أقربائه ، و تأكّدَ له الأمرُ ما إن لحظَ حركاتِ بومغيو الهائجةَ و المتمرّدةَ على حكمِ شقيقِه الأكبر ، لكنَّه ما تحرّكَ في سبيلِ ردعِه خطوةً واحدة ، و فضّلَ انتظارَ ما سيحدث_"يونا!"
ما كادَ يستديرُ نحو الخلفِ و إذ بيونا تبلغُ موقفَه و تغرزُ قطعةَ زجاجٍ حادَّةً في خصرِه ، تراجعَ نحو البيتِ يداري ما حدثَ عن أعينِ رجالِ الشُّرطةِ ، ثمَّ جثا على ركبتيه يوفّرُ طاقتَه تحتَ أنظارِ ييجي المشدوهةِ و يونا الفَزِعةِ المتهوّرة.
'ليسَ الآن!'
شرعَ يعضُّ على شفتِه السُّفليّةِ بعنفٍ أدماها و أوشكَ على هرسِها ، و في ذاتِ الوقتِ ، جعلَ يشدُّ على كلِّ عضلةٍ في جسدِه ، من ملامحِه و حتّى قبضتِه ، بَيْدَ أنَّه ما أفلحَ فيما يريدُ على الرَّغمِ من إصرارِه ، فقَدْ أضحى الألمُ في الصَّفِّ المُعادي الآن ، و ما عادَ الإصرارُ لوحدِه كافياً لمجابهةِ كلِّ هذه القوى.
هوى أرضاً يناجي ربَّه و يسألُه بعضَ الوقتِ بعد ، علَّ النّزيفَ يتمكّنُ من وعيِه قبلَما يفوتُ الأوانُ على أيّةِ إجراءاتٍ أُخرى ، قبلَما يحضرُ الموتُ ضيفاً ثقيلاً على جميعِ من يعرف.
هرعَتْ ييجي إليه تتفقّدُ جرحَه ما إن مرَّرَ استيعابُها تعرُّضَه للطّعنةِ و وقوعَه على إثرِها ، لم يكن الجرحُ عميقاً إلى حدٍّ قاتل ، فيونا تردّدَتْ كثيراً ما إن وصلَتْ قريباً منه ، و قرّرَتِ التّراجُعَ حالَما دفعَتِ الزّجاجةَ إلى جسدِه ، لكنَّ استدارتَه المباغتةَ ما أعطَتْها فرصةً للتّصحيح ، و أباحَتْ لحسِّ الدّفاعِ عن النّفسِ في لبِّها قيادةَ الموقف_"يونجون كلِّمني! أرجوكَ كلِّمني!"
أخذَتْ ييجي تلامسُ كتفَه و تحاولُ إيقاظَه ، تخشى أن يوصلَ هذا الشّابُّ شقيقتَها إلى سجنِ أعوامٍ أو حتّى حبلِ إعدام ، كلُّ خياراتِ القضاءِ مرَّتْ على رأسِها و هي تشاهدُ وجهَه يتراخى و قواه تخورُ مع مرورِ الوقت ، و في لحظةٍ ما ، زخمَتْ فكرةٌ واحدةٌ كلَّ الأفكارِ و المبادئ و الذّكرياتِ من رأسِها ، و راحَتْ تحتلُّ عقلَها و تشلُّ حركتَها ، كلُّ ذلك حدثَ على إثرِ التّوقُّفِ المفاجئ للنّزيفِ و اختفائه ، و من ثمَّ عودةِ القوّةِ إلى عروقِ يونجون.
استجمعَ يونجون قواه في غمضةِ عين ، ثمَّ نهضَ من فوقِ الأرضِ ينفضُ غبارَ ما حدثَ عن ملابسِه ، و يحدّقُ في الجريئةِ الهلعةِ التّي هاجمتْه منذُ قليلٍ و وقفَتْ جانباً تراقبُه متجمّدة.
أهدى خوفَها ابتسامةً صفراءَ مُرعِبة ، أضافَ إليها تحريكَ رقبتِه في جهتين لأجلِ إصدارِ صوتِ طقطقة ، ثمَّ خطا نحوَها ببطءٍ مهيب ، في حينِ تسمّرَتْ هي في مكانِها غيرَ قادرةٍ على الحراك.
ازدردَتْ ريقَها مُذْ باتَ قريباً منها جدّاً ، و حاولَتِ الهربَ في آخرِ لحظة ، بَيْدَ أنَّها ما استطاعَتْ أن تتحرّكَ مقدارَ شعرةٍ واحدة ، كما لو أنَّها خسرَتِ التّحكّمَ في جسدِها.
أمسكَ وجهَها بيمناه و قرَّبَ سمعَها من فمِه ، نفخَ فجأةً على شعرِها فأغمضَتْ عينيها و جعلَت تصلّي في سرِّها ، تسألُ القدرَ ألّا تتعذّبَ كثيراً قبلَ أن يقتلَها ميّتُ القلبِ هذا
أنت تقرأ
مُحِقُّ الأمنيات ~ TXT
Fanficفي وقتٍ ما ، باتَ التّراجُعُ عن أيِّ خطأ شبه مستحيل ، من بعدِ ما كانَ الإقدامُ عليه مستحيلاً يقولون أنَّ الدّربَ إلى الخطيئةِ مُعبَّدٌ بالورود ، و أن الطّريقَ يومَ العودةِ عنها مُعبَّدٌ بالأشواك ، أمّا طريقُ المتابعةِ فيها ، فمرصوفٌ بالجمرِ لا يقودُ...