43

60 3 0
                                    

_"الحالاتُ النّفسيّةُ تتحكّمُ بأجسادِنا مهما كنّا متّزنين ، و أجسادُنا هي شكلٌ مُصغَّرٌ عن الكون ، بناءً على هذا الكلامِ هناك من استطاعَ توليدَ خدعٍ خارقةٍ شبيهةٍ بتأثيرِ الحالاتِ النّفسيّة ، و منها السّحرُ الأزرق ، أو سحرُ الاكتئابِ بحسبِ تسمياتٍ أُخرى"

_"أهو لا يُقهَر؟ ألا يمكنُ القضاءُ عليه؟"

_"هو يعودُ و يذهبُ بشكلِ نوبات ، و يُعتبَرُ خالداً حتّى الآن ، خلودَ السّاحرِ الأزرق ، و خلودَ الاكتئابِ في أجسادِ المُصابين"

_"ألا يوجدُ ما هو أقوى منه؟ أعني ما يمكنُ أن نستخدمَه ضدَّه"

_"كلُّه له مساوئ أكثرُ من الإفادات ، و الغالبيّةُ التّي استطعنا الوصولَ لها أبدَتْ وقتَ فاعليّةٍ قصيراً جدّاً عندَ المواجهةِ المباشرة ، كسحرِ البهجةِ مثلاً"

.

.

.

وصلَ فريقُ مُساعدي يونغي إلى كوخٍ حياديٍّ خارجَ حدودِ المدينةِ برمّتِها ، قريبٍ إلى إحدى القرى النّائيةِ كهلةِ السُّكّان ، لا يعرفُ بوجودِه خارجٌ عن آلِ مين ، و من بعدِ ما تحرّكوا في المنطقةِ ذهاباً إياباً بحيثُ لا يشعرُ بهم أحدٌ و لا يتوقّعُ مكانَهم أحد ، هذه كانَتْ مكمّلةَ الإجراءاتِ التّي أمرَ يونغي بالإقدامِ عليها ، صحيحٌ أنَّ أغلبَها ما أقنعَ بومغيو ، لكنَّه و بالإضافةِ إلى من تبقّى من فريقِه الحديثِ مجبرون على تنفيذِها نظراً لأنَّها جميعُها صادرةٌ عن كبيرِ آلِ مين ، و قائدِ زورقِ الإنقاذِ الوحيدِ حاليّاً.
بدأتْ هذه الإجراءاتُ بتمثيليّةٍ مقصودةٍ أمام البنات ، لا يعلمُ أحدٌ لماذا أقدمَ عليها ، أبدى لهنَّ أنَّه سيوصلُ والدتَه و زوجَه و بومغيو بنفسِه و إلى خارجِ المدينةِ أيضاً ، في حينِ لم يقطع معهم أكثرَ من نصفِ الطّريقِ و عادَ أدراجَه إلى القصر.
تنهّدَ بومغيو أمامَ الكوخِ و هو يراقبُ الحقيبةَ بين يديه و يتأمّلُ شكلَها ، الحقيبةَ التّي أعطاه يونغي في وقتٍ سابق ، لا يدري لماذا بدأتِ المخاوفُ تستحوذُ على عقلِه ما إن لمحها ، و كأنَّ الوقتَ يفوتُ على التّصرّف ، و كأنَّه مكبّلٌ لا يستطيعُ الحراكَ في خضمِّ حريقٍ هائلٍ يكادُ يطالُه و يطالُ أحبابه أوّلاً.. عجزٌ عجيب.
ربَّتَتِ السّيّدةُ مين على كتفِه مُلمّةً بما يدورُ في خاطرِه ، ثمَّ وجّهتْه إلى الكوخِ بحنوّ ؛ و على ذكرِ الكوخ ، يعودُ استملاكُه للسّيّدةِ مين منذُ عامين أو أكثر ، قيلَ في داخلِ العائلةِ أنَّها بدأتْ بناءه مُذْ أنجبَتْ يونغي لتهرّبَه إليه من العائلة ، و الحقيقةُ أنَّها قَدْ فعلَتْ مُذْ شعرَتْ باشتعالِ فتيلِ الحربِ الأهليّةِ في العائلة ، و لحمايةِ زوجِها قبلَ أيِّ أحدٍ آخر ، لكنَّ الأخيرَ لم ينصتْ لها أبداً و دفعَ حياتَه ثمناً لهذه العادة ، كما يفعلُ يونغي في الوقتِ الحاليِّ بالضّبط.
دخلَتِ السّيّدةُ أوّلاً و اطّلعَتْ على حالِ الكوخِ من الدّاخل ، صحيحٌ أنَّ العثَّ يأكلُ أثثَه المطمورةَ بكثبانِ الغبار ، لكنَّه سيفي بأغراضِ الحمايةِ و التّخفّي ، مؤقّتاً على الأقلّ

مُحِقُّ الأمنيات ~ TXTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن