38

45 2 2
                                    

~إمّا الآن ، أو أبداً~

مرَّ الوقتُ ثقيلاً على جمودِ عقلِ ريا ، ربّما خمسُ دقائقَ أو عشرة ، لا فرق الآن ، فحروبِ دواخلِها تضاعفُ الثّواني ، و تقلبُ سكونَ الممرِّ عذاباً على أذنيها دون الرّجوعِ لحقيقةِ الوقت.
ضميرُها صاحبُ الكفّةِ الأرجحِ في هذه الحرب ، لا ينفكُّ يرتاحُ لجزءٍ من الثّانيةِ حتّى يعاودَ ملامتَها على ما مرَّ به أخوها منذُ قليل ، و على الرَّغمِ من أنَّها ساعدتْه حتّى تخلّصَ من بين يدي يونجون ، إلّا أنَّه ملمٌّ جيّداً بحتميّةِ براءتِها من هذا التّخليص ، فلولا أرادَ السّيّدُ يونجون تركَهما بسلامٍ لما فعل ، لولا كانَ يريدُ المغادرةَ و الاختفاءَ لما فعل.
أرادَتْ إذ جلسَتْ إلى قربِ كاي لو توصلُ له ندمَها و اعتذاراتِها المطوَّلة ، ثمَّ ترجوه ألّا يأتيَ على ذكرِ ما حدثَ أمامَ أحد ، بَيْدَ أنَّها وجدَتْ نفسَها تجلسُ ساكنةً لا تنبسُ بحرف ، تنتظرُ أن يبادرَها الحديثَ هو.
'تشجّعي'
خاطبَتْ نفسَها ، ثمَّ ربّتَتْ على يديه المعقودتين في حجرِه ، لم يستجب لها ، فزادَتْ تربيتَها شدّةً تصرُّ على لفتِ انتباهِه إليها

_"كاي.."

_"قوّتُه هائلة.. سرعتُه كذلك.. كانَ سوبين على حقّ.."

راحَ يهذي فجأةً برؤوسِ أقلامٍ ممّا لاحَ في خاطرِه من أفكار ، منها ما هي أفكارُه في الواقعِ مُذْ قابلَ يونجون للمرّةِ الأولى ، أفكارٌ غريزيّةٌ تتمحورُ حولَ أنَّ هالةَ يونجون هذا غيرُ طبيعيّةٍ بالمرّة ، و أغلبُها باتَ أفكارَ سوبين المرتبطةَ بمُحِقِّ الأمنياتِ ، أمّا مكمّلتُها ، فهي الرّابطةُ ما بين كلِّ الأفكار ، و بين وقوعِ سوبين و تايهيون في ذاتِ ليلةِ بوحه بها

_"سوبين؟ ماذا يعرفُ سوبين؟"

_"يعرفُ ما طرحَه في الفراش.. يونجون هو على الأكيدِ من تسبّبَ في مرضِه و مرضِ تايهيون.. هذا ليس يونجون.. يونجون في بلاده أو في السّجن.."

_"عمَّ تتكلّمُ يا مجنون!؟"

_"استيقظا! استيقظا!"

صاحَتْ ليا على حينِ غرّةٍ و شدَّتْ بصيحتِها كلَّ من كانَ في الممرّ ، كانَتْ تقفُ إلى قربِ بابِ غرفةِ الاثنين ، و بجانبِها واحدٌ من الممرّضين المسؤولين عن حالِهما في الدّاخل.
ركضَ كاي نحوهما بأسرعِ ما استطاع ، اندثرَتْ من بالِه كلُّ الأفكارِ السّابقةِ ما إن طمأنَتْه ليا ، أمّا ريا ، فقَدْ تبنّتْ دحضَها أو إثباتَها ، و بدأتْ تفكّرُ فيها على نحوٍ جدّيٍّ و لذاتِ السّبب.
خرجَ ممرّضٌ آخرُ من الغرفةِ و احتجزَ مدخلَها ، نصفُ وجهِه الأسفلِ مُخفىً خلفَ قناعٍ قماشيٍّ ، و الأعلى شبهُ مغطّىً بقبّعةٍ طبّيّةٍ و نظّارة ، بدا للجميعِ مقبلاً على العراكِ لسببٍ من الأسباب ، إلّا أنَّ كلَّ ما فعلَه كانَ أن أسرَّ للمُمرّضِ الأوّلِ بشيءٍ ما ، ثمَّ غادرَ الطّابقَ بأكمله

مُحِقُّ الأمنيات ~ TXTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن