16

62 9 2
                                    

_"تيا!"

استدارَتْ تيا نحوَ الخلفِ ما إن وصلَ الصّوتُ أعتابَ فهمِها ، كانتْ صديقتُها المُقرّبةُ الجديدةُ ريوجين من تنادي عليها ، و قَدْ أنبأها حدسُها بهذا الأمرِ و قبلَ أن تفكّرَ فيه حتّى.
اندفعَتْ ريوجين من بين الطّلّابِ و الحقائبِ بسرعةٍ انفعاليّة ، ثمَّ تمسّكَتْ و عندَ أوّلِ فرصةٍ بذراعي تيا و عانقَتْها ، لم يفهم بومغيو سرَّ هذه العاطفيّةِ ما بين الفتاتين ، بدا له أنّهما عائدتان من حربٍ تهنّئ كلُّ واحدةٍ الأخرى لنجاتِها ، هو الذّي لا يعرفُ من تكونُ الفتاةُ الأُخرى ، و يجهلُ تماماً ما حدثَ في اللّيلةِ الماضية

_"كيف أردُّ لكِ دينَكِ يا تيا؟ أخبريني كيف أفعل؟"

ابتعدَتْ تيا منها ، و عرضَتْ عليها ابتسامةً محرجةً و بعضَ الإيماءاتِ الفاشلة ، تريدُ أن تخبرَها بأنَّها لم تفعل ما يزيدُ على واجبِها ، لكنَّها ما استطاعت

_"لا أريدُ أن تفعلي شيئاً.. نحن صديقتان.."

_"أنتِ أفضلُ صديقةٍ في الوجودِ يا تيا!"

أصدرَتْ تيا ضحكةً خافتةً خجولة ، سرعانَ ما كتمتها ، إذ لاحظَتْ أنَّ بومغيو يقفُ بقربِها عاقدَ الحاجبين ، و ينتظرُ أن يُشرحَ له كلامُهما و تُفسَّرَ حركاتُهما ، و الأمرُ على الأكيدِ مستحيل ، فهو على علاقةٍ مباشرةٍ بمُحِقِّ الأمنيات ، و قَدْ حُذِّرَتْ منذُ قليلٍ في شأنه

_"تيا.. أين تشاير؟"

_"لا أعلم ، أما جاءَتْ بعد؟"

_"كانَتْ.. كانَتْ معنا يومَ أمس.. رأيتها!"

ضربَتْ ريوجين على جبينِها تستثقلُ نسيانَها الفظيعَ لصديقتِها ، فأمسكَتْ تيا سريعاً بيدِها ، و أومأتْ لها سرّاً بأنَّها ستحلُّ الأمر ، سوفَ تحاولُ حتّى لو كلّفَها الأمرُ التّواصُلَ مع كابوسِها الحيّ.. ستفعل

.
.
.

مرَّرَتْ ليا إلى سوبين كثيراً من الرّسومِ و الأوراق ، كلُّها ينتمي إلى القضيّةِ التّي تشغلُ بالَهما و تكادُ تقتلُ الاطمئنانَ في عائلتِهما ، قضيّةِ السّاحرِ الأزرق.
الرّسوماتُ جميعُها لفتياتٍ استهدَفَهُنَّ مُحِقُّ الأمنياتِ في أسِرَّتِهنَّ و دون أن يعلنَ صحوتَه ، بدءاً بالفتاةِ التّي وشَتْ به لحُرّاسِ الملكِ منذُ ألفِ عام ، و انتهاءً بوالدةِ تيا ، نامجو.
بدَتِ الفتاةُ الأولى في الرّسمِ يافعةً جدّاً ، في مثلِ عمرِ تيا تقريباً ، شدَّتْ هذه الفكرةُ كثيراً من اهتمامِ سوبين ، خاصّةً من بعدِ ما تابعَ بقيّةَ الرّسوماتِ و اكتشف ، الفتياتُ المُستهدفاتُ جميعهنّ يتبعن لذاتِ المرحلةِ العمريّةِ ما عدا عمّتِه نامجو ، و ليسَ بينهنّ ذكرٌ واحد.
تنهّدَ سوبين متحسّراً ، و ناولَ ليا صورةَ عمّتِه ، تلك الصّورةُ أشعلَتْ جذوةَ الشّوقِ إليها و إلى أيّامِ طفولتِه من جديدٍ في قلبِه ، ثمَّ ضاعفَتْ قواها ، و ذكّرَتْه بما اقترفَ و تايهيون من ذنبٍ في حقِّ ابنتِها

مُحِقُّ الأمنيات ~ TXTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن