26

46 7 8
                                    

أسندَتْ تيا رأسَها إلى زجاجِ بابِ السّيّارةِ تشاهدُ خيالَ بومغيو في عقلِها يكرّرُ ذكراه الأخيرةَ بكاملِ تفاصيلِها ، مُذْ دفعَ عنه أيدي سوبين و ركضَ نحو البابِ المُغلَقِ عليها ، و حتّى تحرَّكَتِ السّيّارةُ أمام عينيه و هو يضربُ على الزّجاجِ و يصرخُ بأعلى صوتِه ، كانَتْ كلّما وصلَ الخيالُ بها إلى نقطةٍ في وسطِ الحدثِ تجهشُ بالبكاءِ دون أن تُحِسّ ، النّقطةِ التّي يقبّلُ فيها الزّجاجَ قربَ وجهِها ، و يظهرُ فيها ضعفَه الشّديدَ فيما يخصُّها.
تشعرُ بالضّيقِ إزاءَ كلِّ هذه العاطفيّةِ فيه ، خاصّةً يومَ يبذلُ كلَّ قوّةٍ لديه لئلّا تظهرَ أمامها ، يعاملُها على أنَّها طفلةٌ بريئةٌ لا تفهمُ إلى أين يصبو ، في حينِ تتجاهلُ تارةً حدسَها ، و تارةً تذهبُ إلى تكذيبِه ، تخشى أن يكون هذا الحدسُ مخطئاً في تفسيرِ تصرُّفاتِ ابنِ خالِها ، و هذا الخطأُ طبعاً سيفقدُها شقيقاً صديقاً و حبيباً في عينِ الوقت.
أمّا في هذه اللّحظة ، فإدراكُها محيطٌ تماماً بكافّةِ مشاعرِ بومغيو و تفسيراتِ تصرُّفاتِه ، أصبحَتْ تعي بحُبِّه لها ، و تكلّفُ ذاتَها همّاً جديداً نتاجاً لهذا الحُبّ

_"الشّابُّ الذّي دفعَني.. بومغيو.."

التفتَتْ إلى والدِها تصغي إلى ما سيقول ، كانَ يجلسُ بجانبِها منذُ البدايةِ و لم تشعر به حتّى اللّحظة ، و مع أنَّ ذراعَه تردّدَتْ كثيراً إليها رغبةً في ضمِّها ، لكنَّه و كلَّما بلغَ مسَّها فكّرَ في صدمتِها و قدّرَها ، فتراجعَ و ابتعد

_"ابنُ خالي نامجون الأصغر"

_"كنتِ تسكنين معه؟"

همهمَتْ له بجمود ، ثمَّ عادَتْ إلى شرودِها مع متغيّراتِ الطّريق ، كانَ خيالُها الرّثُّ قَدِ انصرفَ إلى ذكرى باقي الفريقِ حفاظاً على عقلِها من قسوةِ مشهدِ بومغيو ، خطرَ لها سوبين أوّلاً الذّي لوّحَ لها بملامحَ صارمة ، تايهيون القويُّ الذّي رفضَ أن يودّعَها ، و كاي الذّي احتضنَ بومغيو و شاركَه نحيبَه.
و فجأةً ، تلمعُ صورةُ يونجون في رأسِها ، كانَ آخرَ من لمحَتْ من بين أقربائها في حيِّهم ، لم تفكّر في تلك اللّحظةِ بما فعل ، لكنَّها الآنَ بدأَتْ تفعل ، يونجون غمزَها في آخرِ لحظةٍ قبلَما تحرّكَتِ السّيّارة..
يونجون حلُّها الوحيد طبعاً..

_"ماذا عن يونجون؟ أعني.. هل كانَ موجوداً؟"

استغربَتْ تيا سؤالَه إلى حدٍّ كبير ،و قَدْ أبدَتْ ملامحُ وجهِها هذا الاستغرابَ دون حواجز ، ذلك لأنَّها لم تدرك بعدُ طبيعةَ علاقتِه بعائلتِها ، كما راودَها شكٌّ بسيطُ الثّباتِ مفادُه أنَّ هوسوك قادرٌ على قراءةِ أفكارِها ، إذ سألَ عن بومغيو في أثناءِ كانَتْ تفكّرُ فيه ، و حالَ خطرَ يونجون على بالِها انتقلَ إليه ، لكنَّها نفَتِ الفكرةَ قبلَ طرحِها على نفسِها من بعدِ ما استسخفتْها ، ثمَّ عادَتْ تلتفتُ إلى أبيها بغيةَ إجابته

مُحِقُّ الأمنيات ~ TXTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن