اللّحظةُ الأخيرةُ أمامَ شجرةِ الجوز ، الخمسةُ مصطفّون إلى جانبِ بعضهم البعض ، و أيُّهم لا يرى في شجرةِ الجوزِ إلّا أكبرَ مخاوفِه.
الأمنياتُ تراجعَ الحماسُ في أمرِ تحقيقها مُذْ قرأ كاي على مسمعِ أصحابِها مراحلَ و قوانينَ المرحلةِ الأُولى ، و التّي تنصُّ على وجوبِ جمعِ أحجارَ كريمةٍ لامعةٍ من تحتِ الحصى و الأعشابِ حولَ هضبةٍ صخريّةٍ ضخمةٍ سينقلُهم هو إليها آنَ ينادون عليه ، و وجوبِ ألّا ينظرَ أحدُهم إلى ما فوق الهضبة ، و إلّا هلك.
وقفَ بومغيو أمامَ الجميعِ قبلما بدأ سوبين و تايهيون النّداءَ على مُحِقِّ الأمنيات ، و أشارَ لهما بأن يتوقّفا و يستمعا إلى ما سيقول ، ففعلا_"اسمعوني.. سمعْتُ أبي يقولُ ذاتَ مرّةٍ أنَّ مُحِقَّ الأمنياتِ يعملُ لصالحِه هو فقط.. لذلك انتبهوا.. تمنّوا بعقلانيّة"
_"دعونا نتمنّى جميعاً عودةَ يونجون.. كانَ أبي يقولُ البارحةَ أنَّ براءتَه شبهُ مستحيلة.. قَدْ يُحكَمُ عليه بالسّجنِ خمسةَ أعوام"
اقترحَ سوبين ، و وافقتْه تيا بهمهمةٍ متسرّعة ، كانَتْ قَدْ صلَّتْ لأجلِه كثيراً ، لكنّها ما تزالُ تظنُّ أن تقصيرَها في الصّلاةِ هو سببُ عدمِ عودتِه حتّى الآن ، لذلك فهي راغبةٌ في تحريرِه بأيّ ثمنٍ و على الرَّغمِ من أنّها لا تجمعُها به أيّةُ معرفة
_"الأفضلُ أن نتمنّى جميعاً النّجاة.. دعونا نفعلُ هذا.."
خاطبَ كاي الجميعَ من مكانه ، فوافقوه الرّأيَ بهمهماتٍ متردّدةٍ خافتة ، ثمَّ تقدّموا من شجرةِ الجوزِ في صفٍّ واحد ، و راحُوا ينادون باسمِ السّاحرِ الأزرقِ مرّةً أُخرى
.
.
.ساهدةً خائفة ، كانَتْ ليا وحيدةً في مكتبِ والدِها ، تجولُ ما بين الكتبِ و المخطوطات ، و ترجو ربَّها رحمةَ أخيها و أقربائها ، الأوّلُ سيُحكَمُ عليه بالسّجنِ خمسةَ أعوامٍ بطولها ، و الخمسةُ الباقون سيُحكَمُ عليهم بالهلاكِ على يدي ساحرٍ ميّتٍ بلا رأفة.
تشهّقَتْ مرّةً إذ لمحَتْ صورةَ أخيها مرميّةً بين أغراضِ والدِها ، و ألفَ مرّةٍ من بعدِ ما قرأتِ المكتوبَ في ملاحظاته ، يطلبُ والدُها لو لحقَ به مكروهٌ ألّا تقربَ و أخاها مُحِقَّ الأمنيات ، فهو لا يحقّقُ شيئاً إلّا و حرّفَه ثمَّ حوّرَه حتّى استحالَ كابوساً.
ذلك كان مصيرَ والدي تيا.
وجدَتْ كتابَاً غريباً مخفيّاً في الدّرجِ السّفليّ لطاولةِ أبيها ، و آنَ لحظَتْ ضخامةَ غلافِه و عنوانَه تأكّدْت ، هذا الكتابُ الذّي تحدّثَ عنه سوبين فيما سبقَ و طلبَ منها أن تطلعَ الفريقَ عليه ، الكتابُ الأخيرُ في المجموعة ، و الذّي يتحدّثُ عن لقاءِ مُحِقِّ الأمنياتِ و إحقاقِه لوعده.
فتحَتِ الصّفحةَ الأولى ، لكنّها ما تمكّنَتْ من أن تقرأَ فيها شيئاً قبلما أعادَتِ الكتابَ إلى مكانه ، كانَتْ قَدْ سمعَتْ صوتَ مكابحِ سيّارةٍ أثارَ في قلبِها القلق ، فأسرعَتِ الهروبَ من الموقفِ و إخفاءَ جريمتها ، ثمَّ هرولَتْ تختبئ في غرفتِها آنَ تأكّدَ لها وصولُ والديها.
لا تريدُ أن يعرفا بتواجُدِها في مكتبِه ، لئلّا يشكّا في اتّزانِها و إخلاصِها لأوامرهما أوّلاً ، و لئلّا تضطرّ فتخلفَ وعدَها لسوبين ثانياً ، الوعدَ القاضيَ بألّا تُعلِمَ أحداً بما يحدثُ معهم ، و بذا ، فهي غيرُ قادرةٍ على الدّخولِ في أيّ نقاشٍ متعلّقٍ بمُحقِّ الأمنيات ، لأنّها غيرُ قادرةٍ على الكذب
أنت تقرأ
مُحِقُّ الأمنيات ~ TXT
Fiksi Penggemarفي وقتٍ ما ، باتَ التّراجُعُ عن أيِّ خطأ شبه مستحيل ، من بعدِ ما كانَ الإقدامُ عليه مستحيلاً يقولون أنَّ الدّربَ إلى الخطيئةِ مُعبَّدٌ بالورود ، و أن الطّريقَ يومَ العودةِ عنها مُعبَّدٌ بالأشواك ، أمّا طريقُ المتابعةِ فيها ، فمرصوفٌ بالجمرِ لا يقودُ...