20

52 5 1
                                    

قرَّرَ يونغي مناقشةَ بومغيو في مكانٍ آخر ، ليس لأجلِ شيءٍ عدا المنطقِ الذّي استخدم ، و مع أنَّه كانَ مُهتزّاً في بدايةِ النّقاش ، لكنَّه بلغَ و في النّهايةِ أن جعلَه يعيدُ التّفكيرَ في أفعالِه بأكملِها.
أقلَّه إلى بيتِه بسيّارةِ والدتِه و برفقتها ، بيتُه يبعدُ عن المقبرةِ مسافةَ كيلومترٍ أو أكثر ، و من جهةِ الرّيفِ لا المدينة ، أي من الجهةِ المعاكسةِ لجهةِ قدومِ بومغيو ، لكنَّ الأخيرَ ما نبسَ بحرف ، و ظلَّ مُصِرّاً على المتابعةِ و على الرَّغمِ من شكلِ الطّريقِ المُرهب ، و خلوِّه من كافّةِ أشكالِ الحياة.
ترجّلَتِ السّيّدةُ مين من السّيّارةِ قبيلَ بومغيو بقليل ، كانَتْ تراقبُه طوالَ الطّريقِ و تتابعُ تفاعُلَه المنعدمَ مع الظّروف ، كانَ يثيرُ إعجابَها قبل قليل ، أمّا الآن ، فباتَ يثيرُ شكَّها في أنَّه واحدٌ من البشر.
فاحَتْ رائحةُ عطورٍ في الجوِّ ما إن ابتعدوا عن السّيّارة ، في البدايةِ ظنَّها بومغيو رائحةَ ورد ، و عندما وصلَ إلى البابِ وراء يونغي باتَ يحسبُها رائحةَ حلويّات ، أمّا فيما بعد ، فما عادَ يهتمّ.
قادَ يونغي الموكبَ إلى مكتبٍ جانبيٍّ في داخلِ البيت ، و طلبَ من والدتِه أن تتركَه و بومغيو لوحدِهما فيه ، صحيحٌ أنَّها تردّدَتْ في البداية ، لكنَّها وافقَتْ ما إن قابلَتْ سيّدةً شابّةً في البيتِ ما رحّبَتْ إلّا بها ، تلك زوجُ ابنِها حقيقةً ، و قَدْ فوجئتْ ببقائها معه حتّى هذا الوقت

_"أغلقِ الباب"

خاطبَ يونغي بومغيو منهمكاً في البحثِ بين كتبِ مكتبتِه الضّخمة ، فنفّذَ الأخيرُ طلبَه ، و وقفَ جانباً يراقبُ و يترقّب.
و فجأة ، انتشلَ يونغي أحدَ الكتبِ ثقيلةِ الحجمِ برفقةِ غيمةٍ من غبارِ أعوامٍ أو أكثر ، و رماه أرضاً من بعدِ ما استخلصَ من بين أوراقِه ظرفاً ورقيّاً أصفرَ اللّونِ شبه مهترئ ، ثمَّ نادى على بومغيو ، و سألَه أن يجلسَ على إحدى الكنباتِ أمامه ريثما يستكملُ هو أعماله

_"ما اسمُكَ أيُّها الشّابّ؟"

_"تشوي بومغيو"

جاءَ يونغي بورقةٍ و قلمٍ من فوقِ مكتبِه و سجّلَ إجابتَه على استعجال ، ثمَّ أخذَ يحدّقُ فيه و يستذكرُ ما بقي من أسئلةٍ بتروٍّ و حكمة.
صحيحٌ أنَّه لم يكن يرغبُ في رؤيةِ أو مساعدةِ أحدٍ منذُ ساعاتٍ قليلة ، غيرَ أنَّ عقلَه قَدِ انساقَ و بسرعةٍ مع تيّارِ المعرفة ، و باتَ متلهّفاً للبحثِ في الأمورِ من جديدٍ و ترتيبِها

_"ما اسمُ الفتاةِ التّي جئتَ تساعدُها؟"

حدّقَ فيه قليلاً يراجعُ أفكارَه ، لم يرد أن يخبرَه باسمِ تيا مباشرةً و قبلما يستحضرُ بعضَ المقدّماتِ و يستكشفُ خططه و ما يضمرُه ، و لكنَّه و لضيقِ الوقتِ قرّرَ أن يدفعَ به ، فتيا ليسَتْ قريبةً لتتأذّى على أيّةِ حال

مُحِقُّ الأمنيات ~ TXTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن