الخامسُ من أيلولَ عامَ سبعةٍ و تسعين و تسعمئةٍ و ألف ، قبلَ أيّام
اختبأ بومغيو خلفَ زاويةٍ من زوايا سورِ المدرسةِ يترقّبُ لحظةَ انصرافِ الطُّلّاب ، يبتغي الحصولَ على سرِّ تأخُّرِ تيا في أيّامٍ متفرّقةٍ عن البيتِ بعدَ المدرسة ، و كثرةِ اختلاطِها بتايهيون دوناً عن بقيّةِ أفرادِ العائلة ، يزعمُ كذلك أنَّ كاي مُلِمٌّ بهذا السّرّ بما أنَّه في ذاتِ صفِّهما الدّراسيّ ، بَيْدَ أنَّه لن يبوحَ به إلّا للضّرورةِ القصوى ، و هذه الضّرورةُ في حوزتِه الآن.
انتظرَ قرابةَ العشرِ دقائق ، كانَتْ هذه المدّةُ كفيلةً بأن غصَّ الشّارعُ بالطّلّابِ من مختلفِ الأشكالِ و الأطوال ، حتّى باتَ البحثُ عن أقربائه أشبهَ بالبحثِ عن إبرةٍ في كومةِ قشّ.
قرّرَ التّراجُعَ في اللّحظةِ الأخيرةِ و اللّجوءَ إلى الخطّةِ الاحتياطيّة ، لم يكن يومُ الجمعةِ مناسباً لتنفيذِ الأساسيّةِ على أيّةِ حال ، فهو اليومُ الذّي يتساوى فيه اليومُ الدّراسيُّ لكافّةِ الصّفوفِ الإعداديّةِ و الثّانويّة ، و يغدو فيه الازدحامُ على أشدِّه.
توجّهَ بأسرعِ ما يستطيعُ نحو بيتِ كاي ، و ربطَ للمذكورِ في حديقتِه خلفَ السّور ، خشيةَ أن يفاجئه بتدميرِ أهدافِه إذا ما لمحَه باكراً.
انتظرَ برهةً أحسَّها بالغة ، و إذ به كاي يطلُّ وحيداً شارداً ، بدا منزعجاً و متوتّراً أيضاً ، كما كانَ يتلفّتُ يمنةً و يسرة ، كما لو كانَ مُلاحَقاً.
تنفّسَ بومغيو بعمق ، ثمَّ خرجَ من حيثُ كانَ يختبئُ و أمسكَ بعضدِ كاي قبلَما يؤتي بأيّةِ حركة ، شهقَ الأخيرُ فزعاً و راحَ يحاولُ ضربَه ، لكنَّه و بعدَما تعرّفَ إليه ، أعادَ ذراعَه إلى سابقِ وضعِها_"ما خطبُكَ يا أخرق!؟ أفزعتني!"
_"لديَّ ما نناقشُه"
اضطربَتْ ملامحُ كاي إلى حدٍّ ما بادئ ما نطق ، بَيْدَ أنَّه استعادَ التّحكّمَ في ذاتِه و دون أن يعترفَ بما يخالجُه ، هزَّ برأسِه ، ثمَّ أدخلَ ابنَ خالِه إلى البيت.
دفعَ به إلى صالةِ البيتِ سريعاً و أخذَ يلقي نظراتٍ متفرّقةً على أنحاءِ البيتِ يتأكّدُ من خلوِّه ، و على الرَّغمِ من أنَّه يعرفُ باستحالةِ وجودِ أيِّ أحد ، فوالداه ذهبا يحضران حفلَ تخرُّجِ ريا شقيقتِه الكُبرى من كليّةِ التّمريض ، و لن يعودَ أحدٌ منهم قبل المساء ، و حتّى هذه العودةُ ليسَتْ ثابتة ، فالعائلةُ بأكملِها ستجتمعُ لاستقبال سوكجين و زوجِه و ولديه العائدين من السّفر ، يومُهم مزدحمٌ حقّاً_"ألستَ صديقي المُفضَّلَ يا كاي؟"
_"أصبحُ صديقَ الكلِّ المُفضَّلَ فجأةً"
أجابَ كاي مازحاً في طريقِ عودتِه إلى الصّالة ، حاولَ لملمةَ ما قالَ بالضّحكاتِ آنَما قابلَ وجهَ بومغيو الجدّيّ ، فقَدْ سقطَتْ منه معلومةٌ خطيرةٌ سهواً لا يجبُ أن يلمَّ صديقُه هذا بها ، معلومةُ أنَّ هناكَ من يؤمّنُه على سرٍّ ما كما و بالضّبطِ يريدُ بومغيو أن يفعل
أنت تقرأ
مُحِقُّ الأمنيات ~ TXT
Фанфикفي وقتٍ ما ، باتَ التّراجُعُ عن أيِّ خطأ شبه مستحيل ، من بعدِ ما كانَ الإقدامُ عليه مستحيلاً يقولون أنَّ الدّربَ إلى الخطيئةِ مُعبَّدٌ بالورود ، و أن الطّريقَ يومَ العودةِ عنها مُعبَّدٌ بالأشواك ، أمّا طريقُ المتابعةِ فيها ، فمرصوفٌ بالجمرِ لا يقودُ...