42

80 1 4
                                    

_"ها أنتَ تسافرُ و لا تنظرُ خلفك ، لماذا أنا المُلامُ و حسبُ هنا؟ ألأنّكَ السّيّدُ يونغي الهادئُ فقط؟"

_"و من قالَ أنَّني لستُ مُلاماً؟ تظنُّ أبي سيتركُني أرحلُ هكذا؟ ثمَّ ألا ترى نفسك؟ تعقّل يا أخرق و ابحث عن مصالحك"

_"هذه مصالحي ، ما أدراكَ أنت؟"

_"ما أدراني؟ مصالحكَ تقولُ أن تكسرَ كلَّ القوانينِ أمامَ أعينِ واضعيها لاستفزازهم؟"

_"أريدُ أن أصحّحَ القوانينَ العمياءَ هنا ، هل فهمتَ الآن؟"

_"و من قالَ أنَّكَ على صوابٍ لتصحّح؟"

_"انظر حولك ، كلُّ شيءٍ واضحٌ وضوحَ الشّمس ، أصبحَتِ البهجةُ في يدي ، فكيفَ لا أكونُ على صواب؟"

_"فوزُكَ في معركةٍ كهذه لا يعني أنَّكَ على حقّ ، ثمَّ من قالَ أنَّ الحقَّ هو الفائزُ على الدّوام؟ الفوزُ قَد يكونُ مجرّدَ قدر ، و قَدْ يكونُ خطوةً تسيرُ البشريّةُ من فوقِها لتستمرّ ، هل تفهمُني؟"

_"سأفكّرُ في الأمر ، لكنّني لا أعدُك"

.
.
.

'لم يفكّر أبداً'
خاطبَ يونغي نفسَه آسياً في أثناءِ كانَ يعبثُ ببعضِ الأقلامِ فوقَ مكتبِه و يستجمعُ أفكارَه ؛ جيمين ابنُ عمّتِه كانَ أقربَ من في العائلةِ إليه حتّى و هو يصغرُه بخمسِ أو ستِّ سنوات ، كانَ ملجأه في وقتِ يسأمُ حتّى من نفسِه ، يخرجُ كلاهما عن تقاليدِ العائلةِ و يحاولُ إيجادَ حياتِه في إحدى أركانِ المدينةِ المهجورة ، بَيْدَ أنَّهما و مُذْ بلغَ يونغي ، تفسّخَتْ هذه العلاقةُ الوطيدةُ بينهما و أنبرَتْ عن اثنين تائهين في رغباتِهما ليسَ من موطنٍ لهما في كلِّ الكوكب ، لا قدرةَ لهما على تمييزِ الصّحيحِ من الخاطئ ، و لا فكرةَ لهما عن حقيقةِ ما يفعلان ، سواءَ أكانَ في ميادين الحياةِ اليوميّةِ أو في المعاني المُطلقة ، لا فكرةَ لهما عن حياةِ الآخرِ أيضاً ، انفصلا عن عشِّ آلِ مين بشكلٍ كاملٍ في اعتقادهما ، فهاجمتهما نسورُ السّاحرِ الأزرقِ و قتلَتْ أحدَهما..
لم يتوقّع يونغي أبداً أن يغرقَ صديقُ عمرِه في الاتّجاهِ المُعاكسِ إلى هذا الحدّ ، إلى حدِّ معاداةِ عائلتِه و محاولةِ الانقلابِ على كبيرِها لأجلِ سلبِه مكانتَه ، لم ينجز توقّعاً مهما بسطَ حولَ ما حدث ، كما لو أنَّ جيمين الذّي يعرفُ مختلفٌ تماماً عمّن أقدمَ على كلِّ هذا ، و على الرَّغمِ من أنَّ صديقَه يشاركُه ذاتَ الطّموحِ و ذاتَ التّطلّعات ، بَيْدَ أنَّه رقيقٌ لا يؤذي أحداً بالفطرة ، و بالأخصِّ إذا كانَ هذا الأحدُ خاله.
أصدرَ تنهيدةً مُطوّلةً بالتّزامُنِ مع وقوعِ أحدِ الأقلامِ من يدِه ، ثمَّ جلسَ إلى كرسيِّه يائساً ، الوقتُ الذّي كانَ يتّخذُ بين أفرادِ عائلتِه معنىً مُريحاً باتَ يتفرّعُ إلى ما يريدُ مُحِقُّ الأمنيات ، باتَ يأخذُ معنىً مُزعجاً و خطيراً قَدْ يفقدُ بسببِه يونغي السّيطرة ، لكنَّه لن يقعَ بعد ، لا يزالُ الاستسلامُ أكثرَ ما يجبُ استبعادُه

مُحِقُّ الأمنيات ~ TXTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن