قصّة

917 24 8
                                    

لا اظنُّ ان هُنالكَ اسوأ من ان تعِيش داخلَ مكانٍ لا يُناسبك .. كنتُ اظنُّ بأنَّ العالم كلّه لا يُناسبني سِواها .. اقاوم التّنمر لأجلِها .. في كل يوم ادخل فيهِ الكُليّة كنتُ احس بأنَّ هذهِ النّظرات ستقتُلني يومًا .. لطَالمَا قد ودَدّت ان اعيش داخِل العَالم الافتِراضي .. كانوا اكثر لُطفًا هُناك .. أراهم ينشِرون الحَياة في كل منشور يطلقونه .. امّا هُنا لا ارى ذَلك ابدًا .. أحيَانًا العَيش لأجل الغَير مُجازفة قد لا يُحمد عُقباها .. في كُل مرّة وقفتُ فيهَا امَامها، أُقبِلُ إليهَا بثغرٍ بَاسم يُلامس الأذن .. تمنّيتُ لو بادلتنِي ذَلك ولو لجزءٍ من الثّانيّة، عسَى ان يطمئنَّ قلبي و يُزهر .. ولكِنّها في كل مرّة تُقابلني بحاجبٍ مُقوّس .. ابتلعُ ريقي، نبضاتُ قلبي تتسارع وكأنّها في عدوًا سريع .. في العَادة لا أُجيدُ الحَديث إلّا مع نفسي ولكِن هذهِ المرّة فعلتُها وقُلت لهَا:
_ شَ ش شهد! ..
فردّت بطريقة لم اجد لُطفًا فيها:
_ خيرًا !؟

كانت نظراتِها تُخجلني، فهِيَ تنظر إلَيَّ من الاسفل صُعودًا الى الاعلَى .. ليتكُم ترونَ تلكَ النّظرات التي لا ارى فيهَا إلّا الاستهزاء ..  فقُلتُ بتمتمة:
_ اردّتُ ان أ أُسَلّم عليكِ فـ فـحَسب ..

كسَرت قلبي عندمَا التَفتت دون ان تَرُد حتّى، لا، ليسَ ذَلك فحسب فلقد اظلمَت دُنياي وتوقّف الكَون للحظات واللهِ انّي سمعتُها بهذهِ الأذن تُردّدها بصوتٍ يُشبهُ الهَمس:
_ لم يكُن ينقصني سوَى المتَوحدِون .

لقد سمعتُ صوتَ انكِسار قلبي .. ما ذنِبي ان ولدّتُ مختلفًا عنكم .. دِفئ الدّمعة التِي هربت من الجفن قد وصـل الى الخَد .. والكَلمة التِي قالتها، أخذت تَتردّد كصدى يجُوب الرّأس ولم تستطَع التّوقف .. حتّى ذَلك الكِتاب الذِي يُشعرني بأنِّي طالبً في هذهِ الغَابة قد سقط من يدي دون ان اشعر .. عندهَا شعرتُ بأنَّ مكاني ليسَ هُنا فخَطرت في بالي فِكرة ستجعلُ جميع الأفواه تلزمُ الصّمت وحتّى "شَهد" ستندَم على ما قَالتهُ لي .. ولأنّي خُلقتُ مختلفًا لم أجد عقلًا يُرشدَني الى الصّواب .. كنتُ أظن بأنَّ "شهد" ستحثني ولكنّها حثتني نحو الهَلاك والظًلام .. لقد غصتُ في ديجورًا كلّما التفتُّ فيه، لم ارى إلّا السّواد .. عُدت راكِضًا باكٍ .. دخَلتُ الى غُرفتي الفوضويّة .. واظنُّ انّ "أُمّي" لن تستطيع توبيخِي بعد الأن بسببها .. قُمتُ بتمزيق ورقة بيضاء من تلك الكُتب الدّراسية التي اشتريتُها ولم أقرأ أيًا منها .. و اخرجتُ قلمي الرّصاص وكتبتُ جُملة بخطّي السّيء، ستزلزل من لهُ مثقال ذرّة من الضّمير .. قد دخلتُ الكُليّة بواسطة ولكن لم اجد الوَاسطة اليوم لتُنجدني، ليس كُل شيء يُحل بالواسطة .. كتبتُ تلكَ الجُملة وتركتهَا فوق الطّاولة الخَشبيّة التي في زاوية الغُرفة .. وخرجتُ راكضًا نحوَ السّلم .. والدّمع يتناثر مع عيوني .. كل ذكرياتي قد راودتني في تلك الأثناء .. و بسُرعة قفزتُ من فوقِ المَنزل عسَى ان ينتهِ ذَلك ولم أكن اعلم انَّ مُعاناتي قد ازدادت .. انتَهت حَياتي وانهيتُ معها حيَاتُها ايضًا بعد ما كتبتُ:
"كنتُ وحيدًا في كل الأوقات، جسدي وعقلِي، عدَا قلبِي لم يكُن وحيدًا، كان برفقتكِ، وداعًا شهد."

- "صفوان الذوادي" 💙

"تَابعونِي على الفيسبُوك هُناك اتفاعل وانشر الأن..
اسم الحِساب : صفوان الذوادي .."

والصّورة ذاتها التي هُنا .. 💙

الحب الحلال |+18حيث تعيش القصص. اكتشف الآن