قُبلة تحت الرُّكام

916 19 3
                                    

- رغمًا عنكِ سأقبّلك
- ابتَعد عنّي.

هَا أنَا اليَوم أجوبُ الشّوراع، صرتُ مجنُون اللّيالي، الذِي حكيتُ لها عنه، لطَالمَا قلتُ لهَا أنّي سأصيرُ مجنُون اللّيالي من شدّةِ حبِّ لهَا.

القَمر مُكتمل، البردُ قارص؛ حياةٍ سوداويّة فاقدًا للعقلِ فلقد صرتُ ثملًا بلَا خمرً، نسيتُ كلَّ شيء عدَا تِلك اللّيلة، نعم تلك اللّيلة، أوَ تُنسى؟!.

الخَامسة فجرًا يوم السّادس من فبراير، كنتُ نائمًا، حتّى استيقظّتُ مذعورًا على صوتِ البَاب الذِي فُتح بقوّةٍ على صوتٍ كان حنونًا امّا اليَوم فلا، نهضّت جالسًا مرتعدًا، حتّى رأيتُ أمّي تكَادُ لا تستطيع الكَلام، الشّحب على وجهها كَان واضحًا، ترتجف بشدّة، عسَاهُ خيرًا..

فقلتُ لهَا ودقّاتُ قلبي تتزَايد كلّما أبصرتُ عينَاها:
- عساهُ خيرًا يا أمّاه؟! ما لِي أرى ثقلًا في عينَاك كإنمَا همُوم الدّنيَا سقطت فيهمَا؟..

فردّت بنبرةٍ حزينَة تقطعُ أنسجةٍ الفُؤاد:
- يا ويلَاه يا بُني، فإنّي أخشى أن ينتقِل ذَاك الثّقلُ إلَيك إذ أخبرتُك ما جرَى في الأرجَاء!.

تغيّرت ملامح وجهِي، وأحسستُ بقشعريرَة ودوران، فلَا أحتملُ ثقلًا جديدًا وانا مُفعم بالأثقال..

- ألتكِ باللهِ يا أمّاه أن تتكلّمي فلَا داعٍ لكلّ تلك الإحتمالات.

فقَالت:
- خذ هاتفكَ واطمأن على خطيبتُك في حلب، هذَا إن لم تكن تحت الأنقاض.

ابتلعتُ ذَاك الرّيق الذِي تجمّع في فمي، لم أفهم بعد، ولكِن قدمَاي قد ثقلتان.

فأردفتُ قائلًا:
- ما الذي حدث أهيَّ حربًا جديدَة؟
- بل هيَّ أوامرُ الله، زلزال..

قبلَ أن تُكمل أمّي جملتهَا، نهضّتُ وكأنما هنالك من أوقدَ في جسدي نار، أخذتُ هاتفي، واتّصلتُ بمالكَةِ القلب التِي تمثّل الرّوح والحياة..

- هيَّا سارة أجيبِي!!

حاولتُ مرارًا ولكن دُون جدوى، في تلك الأثناء او الومضَات تذكّرتُ كل ذكرياتنَا، كيفَ سأعيش إن رحلت سارة؟!، لا سيحميها الله بإذنهِ تعالى!.

هكذَا كنتُ أفكّر.

بعدَ ذَلك اليَوم، قضيتُ أيامًا وأنا ابحثُ عنها تحت الرّكام لم أفقدُ الأمل، بحثتُ في المستشفيَات، سألتُ فرق الإنقاذ.

أيَا من تملِكُ تغييرُ الأقدَار اجعل من قدرنَا اللقَاء.

بعد ثمانِ ايّام ..

وجدّتها في احدى المُستشفيَات، كانت قد رحلت وتركتني لوحدِي بعد أن وعدتني أن تُزيّن لي الدّار، لم أحتملُ ذَلك فصرتُ كما وعدّتّها مجنُونٍ يجوبُ الأزّقّة في الظّلام.

رحمَ الله من مات في ذَاك الزّلزال، يجب أن نتذكّر أنّ الله عندهُ الأقدَار، ولا منَاص من العودة كلّ يومٍ للتوبة وطلبِ الغفران، في دقيقَة تتغيّر الأحوال وتزهق الأرواح.

- صفوان.
SaFwAnALB
-

الحب الحلال |+18حيث تعيش القصص. اكتشف الآن