الفصل الثامن

53 5 0
                                    

 أمل قاسم راجي (غالية)

أغلقتُ باب الحمام على ابتسامتي فقد كشف الغطاء كما يفعل دائماً وأبداً. غاضبة بالطبع عليه، ماجدة صديقتي ومنقذتي الأولى والأخيرة، ولا تستحق زجر مالك القاسي، والبعيد كل البعد عن طباعه المتسامحة، وشهامة عرب انقرضوا إلا منه.

الرجل العربي كما يبدوا على الأرجح رغم عمله مع الأمريكان عاد لتعليق الإنارة العلوية وحتى حسب أنه انتهى، إلا أن هناك أربع لمبات متوافرين لا يعلم أين سوف يحطوا، ولكني أعلم ولن أرشده لمكانهم الصحيح بالحمام، لأني في حاجة حقيقية للاستحمام إثر لقائي الوحيد اليوم مع مستر أمجد، فقد كان لقاء لزج مقزز رغم حدته.

اليوم فقط وبعد أربعة لقاءات مضوا قبَّلني مستر أمجد بشهوانية عارمة لم تلقى صدى كبير لدي كما لم يتوقع أبداً. اليوم فقط سألني عما أفضله بالغرام وليس المضاجعة إلا أنني لا أفضِّل ثلاثتهما؛ الغرام الذي لا أعرفه، والبغاء وبالطبع مستر أمجد ونظراته المزدرة الموجهة نحوي على الدوام، والتي زادت حدتها لما أصبح مستر مالك من ضمن عملائي.

اليوم فقط طلب مني مستر أمجد الكف عن ادعاء العاهرات بالنشوة المزيفة، لأنه لا يزيدني إلا رخصاً يبدوا جلياً علي.

تسعة عشرة عام هو عمري بالتمام والكمال، وعلى الرغم من ذلك لم أكن أعرف عن أمر تلك النشوة أي شيء، لأن أمي أخبرتني أن أسافلي من المحرمات علي وعلى أي مخلوق فتبعت إرشادات أمي، وإلى أن وصلت لحضيضي الآن.

نشوة يفضل الرجال استشعارها على النساء لضمان فحولتهم أمام أنفسهم، فمن يعبأ بعاهرة مثلي، وإن كانت مكلفة برسم بيع مائة دولار أمريكي، ولولا مائة دولار لصارحت مستر أمجد وأخبرته أن العاهرة الماثلة المائلة أمامه لم تنتشي يوما بلمسة رجل إلا عندما صادفت صديقه الرقيق، الحنون، السموع وأحياناً الثرثار.

مستر مالك يبدد العتمة بحماسته المرهفة، ولماسته المتأنية، وصخبه المزلزل. مستر مالك يقول؛ أنت رقيقة يا فتاة.. أنت جميلة يا فتاة.. نمرة مقيدة أنت يا فتاة داخل جسد عنزة تقتات على مقلب للنفايات. مرحة أنت يا فتاة لأنك تعي إنك عنزة ولا زلتِ تضحكِ لما ذكرتِك بمن تكونِين.

مستر مالك ومن غيره توقف عن التوغل وصفع دواخلي بسيفه اللاهب كما يمنح ذاته من ألقاب أظن تناسبه، وتركتني لضحكاتي، التقط سجائره عن الأرض وطالعني بارتياح وإن لم ينعم به ونعمت به أنا مراراً وتكراراً، أكاد أجزم أن حتى أسناني تشعر بالارتياح.

مستر مالك يعلم عن زيفي أكثر مما أعلم ولقد قرر منذ اليوم الأول معي، أن يعري عني طبقة الزيف العاهور ليستحيله إلى نور غادرني، وعاودني على حين غرة. نور يستزيد منه مالك وحيد لأنه مكتشفه بصحاريَّ الصماء. مسجية كنت على ظهري والابتسامة تعلو وجهي، أبصره جالس أرضاً، باليمنى سيجارته وباليسرى خصلاتي السوداء يتحسسها ويقول أن الكيماويات التي أعالج بها شعري الأجعد سوف تجعلني صلعاء بالقريب، ولكن لا ضير لأني سوف أظل جميلة بعيونه المتواضعة، كما أنني فريدة من نوعي أيضا، لأنه لم يرى من قبل عنزة صلعاء وقد أنافس العنزة دولي بصيتها الشهير بين أوساط العلم الحديث للاستنساخ.

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن