الفصل التاسع عشر

45 6 1
                                    

مالك مراد

واستفقت من أحلامي الماضية على السماء الأولى بلا زرقة، هذه السماء صفحتها بيضاء خالية من كتابات السحب وعلامات النجوم. يحمل الموج الهادر البدن الهامد مسدلاً أطرافه الذائبة نتاج سلقه لليلة ويوم بالخليج.

شمس اليوم لا يقاس إشعاعها بالميكرون إنما بالفولت بعدما تبجحتُ على قوى الطبيعة الأم وحاولت إحلال إصماغ الدماء التي سالت عن جرح رأسي وحتى ألصقت أهدابي العلوية بالسفلية، وتشققت عيوني باحثة عن حرارة تذيب تجمدها فصعقتني أشعة الشمس محملة بألف فولت سرت بحدقتيَّ فأعادتهما للتجمد وإلا طُبخت عيوني بمحجريها.

الزميل الباسل "إميل" امتطى الموج وحيداً ساحباً من ورائه عشيقه الأبي، يلطم الأمواج بذراعيه المنهمكتين ليفض لجاته العتية لتضرب وجه المسحوب من خلف الفرنسي المخلص.

محترق البشرة أواجه شمس بقلب السماء وقد ألهبت بثوري التي تكونت بليلة وضحايا والآن أقول بوهن:

- أنزلي إميل أستطيع السباحة.

- المياه تحملك دع لي القيادة.. صباحك مشمس زوج العاهرة.

حللتُ الرباط الذي عقده إميل من حول خصري من شأن سحبي، وتوليت قيادة جسدي الواهن بينما أتساءل:

- أين نحن؟

- خمسة عشر غرباً لم يتبقى على الشاطئ غير ميل ونصف.

- كيف علمت أنت لا تحمل بوصلة؟

- أحمل عيوني على الدوام راقبت صعود الشمس للسماء.

ميل فقط من السباحة وتبدل الخليج الرمادي للأخضر الداكن لون زروع حوافه, ظهرت يابسة تحمل النخيل والحقول وجمع كبير من البشر، فرجح إميل إنهم صيادون المنطقة لأنه ليس سوداوي مثل زميله الذي يظن أن سقوط طائرتنا لوحظ ولذلك القوات المعادية منتشرة على الشواطئ باحثين عن ناجين لمساومة القوات الأمريكية على طيارين ليسا حتى أمريكان .

فضّلتُ البقاء بالماء حتى سكون الليل ولكن إميل كان له رأياً مغارياً وسألني التعري, نظرت له بعيون يملأها الشك وقلت:

- لماذا صديقي ؟

- لأننا نرتدي زي الجيش الأمريكي ولما يرونا المواطنون الأصليون إما ينتقمون منا أو يسلمونا للقوات المعادية إن لم يقتلونا فور رؤيتنا.

أوضحتُ للزميل الباسل وضع عالمنا العربي من شأن أمور العري خاصة الرجالي:

- عزيزي إميل أنت ببلد عربي مسلم و لو رؤونك سكانها عاري برفقة رجل أخر سوف يقتلونا بأي حال.

قال يسخف من آرائي:

- سوف نلفق قصة مالك لماذا لست خصب الخيال إلا مع النساء ؟!

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن