الفصل الستين

40 3 0
                                    

مالك مراد.

في النهاية ذهبت أمي وإن دون اقتناع، وأخاف كل الخوف أن تمارس على "هنا" أسلوبها الجاف المتعجرف، وأخشى أن لا تتحملها "هنا" ويظهر على أمي المستور، ثم أعود وأقول؛ "هنا" عاشت في بيئة مغلقة وليس كهف، وقد تتعامل مع أمي بكياسة وسياسة، فأمي في النهاية عجوز بعمر أمها.

جاءتني أمي بالخبر اليقين، وهي من اتصلت بي قبل أن أوافيها باتصال من فرط حماستها:

- ايوه يا حبيبي أما عرفتلك انهاردة حته نتفة موضوع إنما إيه حياة أو موت.

تسارعت نبضات قلبي، فقد ظننتها كشفت أمر "هنا" فقلت متقبضاً:

- خير يا ماما؟

- فاكر نبيلة الاتربي؟

- أيوه يا ماما الست اللي كان بابا عايز يتجوزها قبل ما يتجوزك .. ما لها؟

- طلعت كدابة.

تعجبت منها وقلت:

- كدابة في إيه .. ما هي ماتت خلاص؟

- نبيلة طلعت مش من عيلة الاتربي و المجوهرات والتحف اللي في قصرها اشترتها من فدوى الاتربي بعد ما أمها ماتت و بقت على الحميد المجيد و اللوا بتاعك فرقعها بعد ما مشي معاها سنة بحالها وإتجوز قريبته ولا سأل فيها.

قلت وأنا أتميز من الغيظ:

- وإحنا مالنا يا ماما بداخليات الناس .. شفتي "هنا"؟

- يا بني أصبر عليا .. عرفت من فدوى إن نبيلة مش من عيلة الاتربي أصلا وإنها بنت ناظر عزبة سرق صاحبها لما شبع .. ولما جات الثورة كَوِّش على كل حاجة لما صاحب العزبة هرب .. أصله كان يهودي .. و من ساعة ما الفلوس جريت في ايديها حبت تشتري أصل و علشان كده اشترت مجوهرات عيلة الاتربي كلها علشان كدبتها تخيل .. تصدق كان يهودي.

- الاتربي؟

- لا أبو نبيلة بس غير ديانته في البطاقة .. وأبوك كان هيموت ويجوزها بدالي علشان من عيلة الاتربي.. وساعتها المَكبرة كانت هتروح لحد غيرك.

قلت والغيظ يملئني:

- ياما ألطم على وشي .. عزبة إيه، ونبيلة إيه، ونيلة إيه .. شفتي "هنا"؟

قالت على عجالة في غير اهتمام:

- أه شفتها ما شاء الله كبرت وبقت قمر.

- نعم يا ختي .. كبرت و بقت .. انتي متأكدة؟

- طبعاً متأكدة.

- مش دي البيضا الكالحة الزالحة أم لسان طويل المزرقة المكدوده.

- ما هي كانت صغيرة يا مالك .. إنما دلوقتي كبرت و إتلفت.

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن