الفصل التاسع والأربعين

43 4 0
                                    

لوس أنجلوس 2009

مالك مراد

حقا ملتْ "جنيفر" من أعذاري الواهية، والتي أيقظتها لصباح اليوم التالي، ولديها عمل لدى سفاح لا يتقبل التأخر لدقيقة عن موعد بدء العمل في مطعمه، ولسوف أضطر أن أعتذر منه حتى لا يوبخها.

أقلقتْ جموع سكان بيفرلي ضحكات "جنيفر" الماجنة، وإلى أن اضطروا لطرق باب غرفتي متذمرين، شاكيين، طالبين الهدوء، بينما الحقد يستعر بقلوبهم لأنهم ليس لديهم "جنيفر" الجميلة، والتي جنت مؤخراً، خاصةً لما اصطحبتها معي للحفلات الخاصة التي يقيمها البنـ/تاجون لتحدث الألفة بين آلة الحـ/رب؛ أي العسـ/كريين والمتحكمين بآلة الحـ/رب؛ أي السياسيين، وكما المتوقع لن التحدث الألفة أبدًا؛ فالموت بالنسبة للسياسيين ليس إلا أعداد إحصائية يرووها ويرددوها أمام الشعب الذي اختارهم لإدارة هذه البلاد، التي بطريقها لقاع المحيط مع تكاثر ديونها وانهيار اقتصادها لحلم صُنِّف أمريكيًا، بينما أمريكا لم يعد في استطاعتها تحقيقه لمواطنيها بعد الآن.

أما الموت كما يراه العسـ/كريين زملاء يلفظون أنفاسهم الأخيرة، بينما يرددون وصيتهم الأخيرة كذلك، جثث متفسخة بالطرقات لنساء وأطفال، دماء تحنت بها الرمال تغوص بها أحذيتهم الضخمة، عودة للجميلة فلا داعي لسرد كل تلك المآسي فهي تحاوطنا بأي حال.

الجميلة يبلغ وزنها سبعون كيلو جراما، في حين يبلغ طولها مائة وخمسة ستون سنتيمتر لتكون عارضة أزياء لِما يسميهم الأمريكان الغافلين عن الجمال الحقيقي؛ عارضات الأزياء ذوات الوزن الزائد، زائد عن ماذا لا أعلم.

ذات الوزن الزائد ما إن دخلت قاعة الاحتفالات الكبرى لـ"لريتز كاريلتن" توقف الحفل، وتسمرت الأعين عليها، فمن لا يفضل فتاة مكتنزة تنضح بالأنوثة ولو أمريكي، حتى "أنطوان" مديرها الجديد، قَبَلَ أن تعمل لديه على مضض، فجمالها يُلهي باقي العمال بمطعمه عن العمل، وبالطبع لا داعي للسؤال عن ساكني شقة بيفرلي المتلهفين لخلاف يدب بيني وبين الجميلة؛ لكي يتدخل أحدهم بغرض الصلح الفاسد ويحصل على أجمل الجميلات.

بصباح أحد الأحاد الهادئة استيقظت "جنيفر" قبلي، وأعدت الإفطار لسكان بيفرلي، والذين كانوا سبع حينها، إنما لم يقدروا المعروف، وعوضًا عن تناول الإفطار بتهذب، نهمت عيونهم من القوام الذي لا تخفيه ملابسي الرياضية، رغم تحذيراتي شديدة الخطورة من حول الاقتراب أو التصوير.

انتهى الإفطار وحان وقت التدخين بالبلكون الشاسعة، إنما الرفاق يدخنون بالقرب من الأريكة الأرجوحة والجالس عليها برفقة حبيبتي وتقول لي وحدي:

- طلبت من البنك قرض ولم يوافق.

- لماذا طلبته من البنك سوف أعطيكِ ما تحتاجين.. ولِمَ تريدين القرض بأي حال؟

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن