الفصل العاشر

52 4 0
                                    

الفصل العاشر

أمل قاسم راجي (غالية)

انتظرت عروض "توبي" والتي لم تتأخر وخرجتُ برفقة بعض الفتيات من الشقة لقصراً تخرج من نوافذه الموسيقى الصاخبة، مليء بالرجال ذوي الملابس العسكرية الأمريكية المزدانة بالنياشين، مهندمون، معطرون ليسوا حليقي الرأس بغيضين الرائحة مثل الجنود الذين اعتدت رؤيتهم بحينا ومن حول جامعتي.

التصقت بحائط ولم أنفذ أولى تعليمات "توبي" بالانتشار لعرض فستاني الأحمر القصير، وحذائي الفضي عالي الرقبة، حتى أبدأ بتسديد أولى الأقساط لـ"توبي". مرر وقت طويل وأنا ملتصقة إلى الحائط وحتى تقدم مني رجل أشقر الشعر، عيناه بلون السماء، بيده اليسرى كوب صغير به سائل مائل للصفرة، ابتسم لي وقال:

- هالوا أنا جوش هارد ما أسمك؟

- غالية.

- ماذا يعني؟

- مكلفة.

- وكم تكلفيني؟

طأطأت رأسي للأسفل حزناً مما آلت إليه حياتي لما أصبحت سلعة مكلفة فأردف:

- مائة دولار؟

رفعت عيوني له متعجبة فقال متململاً:

- مائة وخمسون.. أرجوكِ هذا كل ما أحمله من مال.. تستطيعِين تفتيشي.

وضع لي توبي رسم بيع خمسون دولار يتقاضى منه خمسون بالمائة، وما تبقى لتسديد أقساطه وشراء الطعام ودفع نصيبي من إيجار الشقة، بينما حصلت الآن على ثلاثة أضعاف ما تجنيه أي فتاة، وقد ظننت أنه حظ المبتدئات، ولكن لم يتبدل حظي.

رافقني الضابط الأشقر للطابق الثاني من القصر وحتى غرفة نوم فسيحة ذو سرير ضخم قد يسع كل فتيات الشقة، على حائط مميز من الغرفة إطار ضخم من الخشب المذهب داخله صورة لحاكم البلاد الهارب ملطخة بالأوساخ والرسومات الكاريكاتيرية لأعضاء رجالية وأنثوية.

الأشقر جلس على السرير يخلع ملابسه العلوية ويردد بأنني تشبه حبيبته التي تخلت عنه مؤخراً بسبب هذه الحرب الغبية بعدما طلبت منه الاعتذار عنها وترك العمل العسكري للعمل بوظيفة إدارية، فحبيبته لا تؤمن بالحرب والدماء والأسلحة وقد تكون الآن بمظاهرة احتجاجية بفيلاديلفيا برفقة أصدقائها لكي يطالبون الرئيس الأمريكي بتقرير مفصل عن ما وجوده المفتشين من أسلحه كيمائية أدت لحرب سيق إليها شباب الأمة لحتفهم.

لم يكن هجر حبيبته له أكثر ما يحزنه، فبالأمس مات صديقه بقذيفة RPG استقرت بمعدته ولم تفعَّل، المثير للسخرية مات صديقه ومن حاولوا إنقاذه من أطباء لما فُعِّلت القذيفة فجأة وانفجرت لتطيح بخمسة رجال تحولوا لأشلاء.

طالت الضابط الأشقر السخرية وضحك بشدة حتى البكاء فاقتربتُ منه بتحسب رغم أنه لم يبدي عنف مثل من سبقوه، وربتتُ على كتفه مواسية فجثي على الأرض، وحاوط خصري بذراعيها ودفن رأسه ببطني وأجهش ببكاء وهن.

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن