الفصل التاسع والسبعين

42 4 2
                                    

هنا جلال.

بالطبع أسيطر على نفسي، وإلا كنت أحرقتُ هذا المنزل وهدمته على رؤوسنا جميعاً، ولأني أسيطر على نفسي جيداً، خلعتُ التأنق وارتديتُ جلباب ومئزر شتوي، وأعفيتُ "ملك" من مهمة التلصص وتسلمتها عنها.

دلفتُ لغرفة جدتي منها لبلكونها المتصل مع بلكون الردهة وقبعتُ بها في هدوء، أتجمد من البرد لكي أسمع المحادثة بين "عمرو" وأبي وأونكل "بشير" الذي كان مرتدي لذات البدلة التي ارتداها في اللقاء السابق، ولكن في تلك المرة لم ينسى أن يخلع الرقعة التي على الصدر وقد كُتب عليها قياس البدلة.

أبي و"آسر" جلسا لأريكة الصالون الكبيرة، بينما "عمرو" و"بشير" جلسا على يسارهما على كرسيين متجاورين من الصالون، وقد كان "بشير" الأقرب لأبي الذي قال في امتعاض ووجهه متغضن وكأنه يلفظ الكلمات من معدته:

- "هنا" وافقت.

ابتهل وجه "عمرو" وابتسم وقال:

- طب الحمد لله .. طلبات حضرتك؟

نظر أبي لأونكل "بشير" وقال له في لهجة جدية لا تقبل أدنى مزاح:

- انت ما تفتحش بُقك نهائي إلا لو كنت هتدفع له مليم .. هتدفع؟

بدى على أونكل "بشير" التعجب الموسوم بالتوجس، إنما أجاب بأي حال:

- لاء.

عاجله أبي بحدة أكبر:

- يبقى تسمعني سكاتك لحد ما نخلص الاتفاق.

تبادل أونكل "بشير" و"عمرو" النظرات الذاهلة ثم عادا لأبي وقال أونكل "بشير":

- ماشي يا جلال براحتكوا.

بدأ الاتفاق لمّا قال أبي:

- المهر اتنين مليون والشبكة مليون، تزيد تقل على حسب ذوق "هنا".

اتسعت حدقتي في اندهاش، لا أصدق ما أسمع كما "عمرو" تماماً والذي قال مجيباً أو سائلاً:

- مليون إيه حضرتك؟

كور أبي إبهاميه وسباتيه وصنع منهما قرص دائري وقال متهكماً:

- قرص مشبك بما إنك حلواني.

أغمض "آسر" عينيه محاولةً منه لاستيعاب فكاهة أبي المقيتة كما حالي تماماً، ثم تدارك "آسر" لهجة أبي الحادة المتهكمة وقال:

- جنيه إن شاء الله .. بابا دمه خفيف أوي .. لما يحصل نصيب إن شاء الله مش هتبطل ضحك.

ابتسامة "عمرو" لم تختفي إنما خفوت بعض الشيء وقال لأبي:

- الحقيقة أنا كنت عامل حسابي المهر مليون والشبكة نص.

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن