الفصل الرابع والسبعين

37 4 5
                                    


الفصل الرابع والسبعين

هنا جلال

تحدثتُ وأمي كثيراً ومطولاً، حكيتُ لها كل مغامراتي الأخيرة وضحكتْ، عرضتُ عليها المحاضر التي سرقتها من الضابط "عمرو" وضحكتْ أكثر. عرضتْ هي علي حلول عملية وسهلة لمساعدة زملائي في الأسر وسوف تباشر من اليوم العمل على تحريرهم لأشعر بالراحة حيالهم، ولكي أبدأ للتخطيط لحياتي التي هدمتها لما فقدت ذاكرتي بإرادتي، ولكن كان لابد لي أن أفقد ذاكرتي فقد أحببتُ رجل أمه ترتدي جوارب نسائية مخرمة في الألفية الجديدة، حقاً كيف لي أن أفعل ذلك، أنه لشيء مشين غير مقبول بالمرة.

أنا أعلم إنني أكثر الفتيات حظاً بكل ما لدي، ولا أشعر بأدنى فقد أو ندم، عائلتي تحبني حباً جماً وكبيراً حتى "آسر"، أبي قد يقتل لأجلي بل قتل لأجلي، أمي أذيتها شتى صنوف الإيذاء ولم تغضب علي يوماً إلا عندما علمت إن حياتي مهددة بالخطر، أنا محصنة بالحب، ومنيعة به.

بدأت أحب حياتي كفاشلة دراسيًا تحب الرسم، أيضاً حياتي مخطط لها بأي حال، سوف أتسلم إدارة عيادات ومستشفيات جدي، وإن راودني حلم الهندسة مرة أخرى جدي صنع لي شركة إنشاءات ألهو بها كيفما أشاء، أنا حقاً محظوظة.

زملائي الذين كنت أبحث عنه رحلوا بإرادتهم لعالم آخر، ولكم هم حمقى، فكل شيء متغير إلا القدر، إلا الموت، ولا مهرب من كلاهما مهما تنقلت في العوالم. هواجسي من حول ضابط يتتبعني قد تكون حقيقية أو لا، ولكن الحقيقة سوف تظهر آجلاً أم عاجلاً، وسوف أقتل من قتل "خالد" مهما طال الزمان.

عدت للقتل من جديد، قرأت ذلك في مذكراتي، فقد قتلتُ ساحر وعشيرته بمساعدة "هولي"، أين هولي فقد تركت رجلها الوغد، فلماذا هي حزينة حتى الآن. أيضاً رجلها ذاك غبي للغاية، لا يعرف أساسيات الفيزياء، وكاد أن يتسبب في قتل هولي مرات عديدة، وآخر مرة كاد أن يتسبب في قتلي وقتلها سويا لما ذهب للساحر راشد بلا سبب مقنع، وكما الحال ذهبت الغبية لإنقاذه بدوني واضطررت أن أفعل أعاجيب لم أفعلها من قبل لأنقذها، إنما اللطيف في كل ذاك رأيت مختار.

طوبى لذكريات المراهقة الحمقاء.

بأي حال انتهيتُ وأمي من تصفح المذكرات سريعاً، تمللنا كما أن الأمر لم يعد ذات جدوى. خرجنا من غرفة أمي وجلسنا في الردهة لنشاهد فيلم من اختياري بعدما فرغنا من التهكم على امرأة نادي الجزيرة.

فيلم للسهرة وطويل لأنه فرنسي، وقد كان ممل بدوره، شاهدناه وحيدتين وقد افتقدنا أبي وتهكمه. أبي دوماً يقضي السهرة في مراقبة مرشات الحديقة، مسكين عفاه الله، لديه يقين بأن المرشات قد تُخطئ وتظل تهطل مياه حتى تغرق الفيلا رغم أنها مزودة بمواقيت ومعايير وتُطفئ أوتوماتيكياً.

صعد أبي للمنزل ووجدنا في حالة من السكون، ممددة على الأريكة رأسي على فخذ أمي ونشاهد الفيلم، فابتسم وجاء وجلس إلينا وقال:

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن