سوء توقيت

الفصل الرابع والعشرين

[ مالك مراد ]

ترى هل يشعر أمجد بالرضا الآن لا أظن أبداً. تنازلت له عن زوجتي، وترقيتي، وعتاب لازم لأسوء حالة شهدتها عبر التاريخ تعبر بصدق عن الصداقة المزيفة، تقبلت وجوده إلى جانبي كما كان بالسابق صديق مقرب و زميل عزيز، بل و صدقت تعليلات المقدم أو أياً مما يقدمون ليستبقوني بين الاثني عشر بلا ضغينة لأحداً منهم.

الطبيب النفسي حديث التخرج المتوافر بالقاعدة الآن لم يجد بما فعله صديقي خيانة لي، بل وجده رجل أخر بمضمار الحياة المعتاد، والذي نجاهد جميعاً لحسمه لصالحنا، سألته ولكن يا طبيبي ماذا عن أذكى عاهرة سكنت الأرض، وقد جاءت إجابة الطبيب مريبة، لما قال أن أذكى عاهرة سكنت الأرض لم تسكن إلا عقلي، وتركت الأرض لساكنيها، أذكى عاهرة سكنت الأرض لم تكن جميلة كما أراها بعيوني النيقة، إنما متى كان الجمال عقبة أمام رغبة أو مقياس لفتنة النساء، كليوباترا لم تكن جميلة، الممثلة أودري هيبورن خلقت منظور جديد للجمال وكانت معشوقة جديدة توجتها السينما الأمريكية، وبالمناسبة سألني الطبيب؛ هل أذكى عاهرة تشببها؟

نظرت للطبيب متململاً وقلت في فتور:

- لذلك أبحث عن الخبرة في الطب خاصة.. لا تنسى أيها الملازم أنك تتحدث عن زوجتي.

- أنت من نسيت سيدي النقيب لم تعد زوجتك الحين.. الفتاة طلقت منك بمحض إرادتك الواسعة وتزوجت من جديد لصديقك.

وقد كان هذا سؤال ماكر من طبيب ماهر رغم صغر سنه وحجمه، أظنني أستطيع بلعه وأقسم أنني لم أراه يوما. الطبيب يقول مال قلب الديب أو عقله أو أياً مما أفضل تعبيراً على سبيل الوصف لحالتي الحالية والمأساوية، لئلا أثور على الطبيب ناكراً وظيفة للقلب بخلاف كونه مضخة توزع الدماء داخل الجسم البشري.

أمل من وجهة نظر الطبيب كانت تجسيد حي للمرأة التي يتمناها النقيب، وأكثر، حنونة، هادئة، خاضعة، وفي حاجة للمساعدة ومن هنا جاءت نقطة التحول. لكانت ظلت أمل مجرد عاهرة لو لم تكن في حاجه لحماية قصوى، حماية طلبتها من أخر والديب يفضل دائماً أن يبقى وحيداً داخل إطار العظمة كما تربى.

نشأ الديب بين أسرة قلدته مقاليد الحكم كفرعون صغير، وحتى راق لفرعون إجذال العطايا و مساعدة المحتاجين، ومن ثم الشكر الواجب الذي يلي سخائه، ولما نفي فرعون عن مملكته لم ينسى منشأه و أعاد بنائه بغير أرضه، أولًا بشقة بيفرلي ثم توالت الممالك.

أذكى عاهرة لا تملك غير دافع قوى للحياة، يدفعها للتفكير بمنطقية يصعب وجودها في امرأة ليست ذات خبرة طويلة أو قصيرة بالحياة، مكنها هذا الدافع من خداع النقيب وصديقه للخروج من العراق.

- هل تقصد يا وغد أنها تزوجت صديقي بعد موتي مباشرة لتضمن خروج آمن من العراق؟

- نعم سيدي.. هذا شيء بديهي ظننتك تعرفه بمفردك، وعند عودتك أرادت عودتها إليك ولكنك من رفضت .. لأنك ...