الفصل الخامس والعشرين

28 3 0
                                    

[ أمل قاسم راجي (غالية) ]

إنما الشطة لا تقتل حبيب كان وأصبح ولسوف يظل في قلبي.. صديقه فزع من سعاله الذي قلقل جوفه ووجهه الذي تحول لحمرة الجمر, وسارع ليجلب له الماء علّ نيرانه تخمد, بينما كنتُ أراقبه في هدوء, أنتظر صعود روحه للسماء فهي بالسماء طيلة الوقت كما يحب ويفضل لأن عشقه الذي تغلب على كل عشق هو التحليق.

وقبل أن ترافقه روحي لذات السماوات قمت عن المائدة وتوجهت إلى الثلاجة, وجلبت له العصير ليداوي حرارة توابلي الحارقة.

أنا من ابتعت قرون الفلفل الأحمر الحامية, وجففتها على مهل, وعند تمام نضجها طحنتها من أجل حبيبي السطحي لكي يتجرع ناري, ليته يعلم لكم حزنت عليه. كدت أن أفقد عقلي, وأنا أصلي لله ليل نهار, ليرحمه تارة وليعيده إلي تارة. نقمت على حكم الله وسألته لمَ يقتل كل من أحببت, ولما لم أجد إجابة للسؤال, عدت لسؤالي الأول, أعده يا لله فأعاده.

لا عودة عند الديب, من تخلى عنه يتخلى عنه بدوره ومن أبرز الأمثلة عائلته, ولكنه أخبرني بالسابق أنه لفضل لو اجتذبه أبيه بالقوة الجبرية ليعود لحظيرة العائلة, بينما أبيه تركه لأهوائه بعدما تملك منه الضيق إثر المتاعب التي تلاحق الابن الأكبر وتلاحق العائلة بدورها.

يشعر حبيبي السطحي بالنبذ دائماً, وإن لم يسمعه يراه, وإن لم يراه ينقل إليه إلا معي. أنا الوحيدة التي تريده كما هو بلا تغيرات جذرية, لحسن حظي لم يقحم قضية العهر فالعاهرة تتقبل شتى طباع عملائها إلا عاهرته الصغيرة كما يسميني, لأنه يرى بعيوني إشادة دائمة غير مصطنعة, وعلى الرغم مما أبديته من وفاء تجاهه حدث ما حدث وتخلى عني.

التعادل الآن واحد مقابل واحد تزوجتُ بأخر تزوج بأخري, لم أطلعه على قراري لأنه كان ميت فماذا عنه, كان حي وكنت حية بين يديه ولم يذكر أنه بالغد يستعد للزواج بأخرى. أخرى ضربتني وجردتني من ملابسي وألقت بي إلى الشارع بلا رحمة, والآن تشاركني داري وحبيبي.

تخرج مهرولة من غرفتها بملابسها الرجولية تمسح على رأس مالك وتسأله عن حاله, وحينها طلب عونها للنهوض حتى يتثنى له الدخول لغرفتها لأنه يريد النوم.

لم تكفيه نومة أمس, لقد نام طوال الليل ولم يلمسها, فقط استمع ثرثرتها من حول نضالها الزعوم, ولما شعر بالملل صاح بها لتصمت. لا بد أنه يفتقد شكولاتته البيضاء بلا شك إذاً لما أهداها لصديقه, بينما صديقه حقق أحلامي دفعة واحدة, ولكن متأخراً وما يأتي متأخراً لا يترك بحلقك حلاوة أو حتى مرار مجرد جرعة مياه زائدة عن حاجتك بلا طعم, لا تخلف ارتواء بعد ارتواء.

صدق أمجد ادعائي كما يصدق كل الرجال, لا تبدل نفوسهم جنسياتهم لأنهم يبحثون جميعًا عن الضعيفة التي وجدت الأمان تحت أذرعهم وليس أمان إلى جانبهم.

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن