الفصل الثالث والخمسين

40 3 0
                                    

علي العدوي

لوس أنجلوس 2010

صدق "مالك" بذلك، فمن تنازل عن حقوقه وقَبِلَ بالحلول القسرية، وألقى بزملائه للتهلكة لا يستحق الهناء، لا يستحق الحياة ولا حتى بجانب النور.

ألقاني الديب أمام باب شقة "نور" بالأدوار السفلية، في مبني متوسط الحال وهرب.

لحظات عدة مرَّت عليَّ، وحتى تشجعتُ ودققتُ جرس الباب، ففتحتْ لي "نور" يملأها التعجب، إنما دعتني للدخول أو الأدق تعبيراً؛ سحبتني للدخول.

دعتني للقهوة بتوجس وخوف، فآخر لقاء جمعنا في هذه الشقة كان لتوبيخها على الساعات التي تقضيها في مكتب مدير الشركة لتشرح له المستجدات بالعمل كما زعمت.

لم أصدق ادعائها حينها، وسببتها بأقذع الصفات، وخرجت ناقمًا على حالي؛ لأني من جلبتها لأرض الحرية، وحينها أصبح لها مطلق الحرية لتشرح مستجدات لا تستجد إلا بأوامر من صاحب الشركة، وعلى الرغم من ذلك يستلزمه ساعات من الشرح من قبل مهندسة واحدة فقط بالفرع بالكامل.

لم ألتفتُ لتوسلاتها للبقاء، لكي تشرح لي الأمر باستفاضة كما رددت حينها، وذهبتُ للمرة المائة، بينما الآن ناولتني القهوة الأمريكية وقالت مقلوبة الشفا في تذمر:

- خير.. جاى تِقل أدبك تاني؟

- ولا تاني ولا تالت أنا جاى لمراتي.

ناولتني الضحكة القصيرة الشريرة المزرية وقالت:

- من إمتى؟

- من إنهارده .. أنا نقلتك لفرع الشركة الشرقي عشان تشوفي شغلك من غير ما تتلهي في مدير الشركة.

زفرت بضيق ثم قالت:

- أما غريب والله.. إنت ما لك وما لي يا أخي؟!

المبادرة القوية من كلمات الديب المأثورة خاصة في التعامل مع النساء، لأنهن يفضلن الرجل الجسور الشجاع؛ ولذلك زحفت بكرسيَّ المدولب، وإلى أن اقتربت من السرير قليلًا. كامن هناك بجانب من الشقة من أصل أربعة جوانب، فالشقة بالكامل أربع حوائط فقط، وبكل حائط يكمن ركن من أركان الإعاشة؛ الحمام شمالًا، والمطبخ جزء صغير بالشرق، والسرير الغرب.

حاولت القيام عن كرسيَّ للجلوس على السرير أتت إلي "نور" مسرعة، تعاونني بينما تقول:

- انت عايز تعمل إيه؟

جلستُ على السرير، ثم أمسكتُ بيدها وأجلستها أمامي بينما أقول:

- الشقة ضيقه أوي ما تيجي نتشارك وناخد واحده أكبر؟

لمعت عيونها بالفرحة الغامرة، إنما تكتمتْ على ابتسامة ذلك الفرح وقالت:

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن