الفصل 114

45 5 4
                                    

الفصل الرابع عشر بعد المائة

وانتهى كل شيء كما بدأ، "سكرة" وأختها أعادتا ملابسهما للحقائب من جديد استعداداً للعودة للقاهرة، الأخت لم تكن حزينة البتة بل وبدت راضية ومسترخية وسعيدة للعودة، بينما الحزينة كانت "سكرة".

أمها كانت تعلم ما ألم بها من حزن وتنظر لها مشفقة عليها، بينما تنظر للأخت بحقد وتقول لها:

- غوري اعملي شاي للرجالة.

أجابت الأخت في امتعاض معوجة الفم:

- حاضر.

خرجت الأخت من الغرفة، وحينها قالت الأم:

- تعالي يا "سكرة" أقعدي جاري.

تركت "سكرة" ما كان بيدها من ملابس وجلست في برود وكأن روحها غادرتها ولم يتبقى منها إلا صدفة تشبه مخلوق كان أسمه "سكرة".

ربتت أمها على ظهرها في حنان وقالت:

- عارفة إنتي زعلانه ليه؟

- ليه ياما؟

- علشان عشقاه .. عارفه إنت لو عايشه معاه راجل والسلام ولا كان همك حاجة من اللي بيعملها .. عيشي يا أختي و افرحي .. وسافري البحر و إلبسي المستورد و الصيغة وما طُليش حتى في وشه .. افتحي حنفية السخن واقفلي البارد ونامي على الحرير .. كلي لقمة و ارمي عشرة .. انتي فاكرة لو سيبتيه وجيتي هنا هترتاحي .. أبداً يا حبة عيني .. هتاكلي شِرك وتنامي شِرك وتشمي نسمة الهوا شِرك .. إنما إنتي هناك في العمارة ستها وكل الناس بتاكل من تحت إيدك.

قالت في استسلام:

- حاضر ياما.

- أختك لو لقيتيها بتدبح أدامك مالكيش دعوة بيها.. كل حي متعلق من عرقوبه .. وهي اختارت طريقها.

هذه المرة لم تقوى "سكرة" حتى على الكلام وأومأت بالموافقة وكأنها مخدرة مسلوبة الإرادة، فضمتها أمها لأحضانها وبكت على رأسها.

عادت "سكرة" مع المعلم تحمل هموم جديدة إنما لا تفهم سبب لتلك الهموم، فكل شيء على حاله كما ترى إذاً فيم الهم والغم، يبدو إنها كانت أبسط من أن تدرك أن حب المعلم الذي سكن قلبها آخذ في الزوال ولم يعد الرجل الذي تزوجته، ولذلك حزينة على ما فاتها ولا سيما خداعها في شخصه.

أشفق على "سكرة" كثيراً فقد جربت معاناتها عندما رأيت بدوري زوج مع عشيقة في أوضاع قذرة، وهذا شيء مؤرق ومؤلم ويجعل المرأة منا تبكي في أي وقت وبلا أدنى سبب كما كنت أفعل مؤخراً ولا سيما "سكرة".

الملابس المستوردة والمصاغ لم يعودا يُضحكا "سكرة" أو ينسوها مأساتها مع المعلم، فبحث المعلم عن شيء جديد حيث قال:

سوء توقيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن