#سوء_توقيت
الفصل السابع والأربعين
صعد "مالك" معي درجات السلم المتعرجة لمنزلي، بينما يراقب الجدران المتشققة، والتي تساقطت دهانتها منذ أمد، يمتد على طولها الكتابات الجرافيتية بألوان الطلاء الصاخبة الفسفورية، أغلبها الرسومات لجماجم وعظام بشرية متداخلة كونت حرف X وكأن من رسم فنه الساقط أتى بجديد، فمكب النفايات هذا ليس إلا سبب لموت وشيك.
أزعج "مالك" الرائحة المزعجة القوية النابعة من تبول السكان المنتشين والقمامة التي تعج بها الأركان، حتى أنه سألني محتبس أنفاسه للعديد من الثواني:
- أين مكان شقتك تحديداً.. أكاد أموت من الرائحة؟
- إنها أمامك.
فتحت باب شقتي من أجله ودعوته للدخول لأرى نظرة آسى مزرية آلمتني قبل أن تؤلم قلبه العطوف.
دعوته للأريكة الكبيرة الحمراء، التي تتوسط الردهة فإحتار بمكان جلسته القادمة؛ بين أثار القهوة المسكوبة وحروق السجائر، وحتى انتهى به المطاف على أبشع موضع، حيث جزء من البيتزا المتعفنة علقت حواشيها على أنامله لما استند بيمنه على المسند الجانبي للأريكة.
أشرت بكلتا يداي أن يهدأ بعدما بدى على وجهه التأزم بوضوح، ودخلت إلى غرفتي وعدت بالمناديل المبللة الخاصة بأدوات تجميلي.
عرضت عليه المناديل استل واحداً، وأخذ يمسح به يداه بعناية وعند انتهائه بحث بعيونه عن سلة المهملات، إلا أنه لم يجد فألقاه من خلفه وضحك، فضحكت معه فهو لم يخطأ التقدير، لأن ما يحويننا الآن ليس إلا مكب نفايات.
علمت فيما بعد أنه لا يتناول طعام وشراب إلا بأكواب بيضاء أو شفافة، وبتلك الليلة أتيته بالقهوة في كوب بورسلين أسود اللون نظر له مالك متحيرًا، ثم وضعه جانبًا ليسقطني بجانبه الأخر بعدما جذبني من ذراعي لأحل بهذا الجانب الآمن من العالم الذي لم أراه قبلًا ويقول:
- كيف لك أن تكونِ محامية بهذا الجمال .. لا بد أنه مقصود لتشتتين لجنة المحلفين؟!
قلت أمازحه:
- جميلة للغاية؟
أنما هو لم يكن لم يمزح بل وقال في تأكيد:
- أنتِ لست مجرد امرأه جميلة بين النساء.. أنت أجمل جميلة رأيتها حتى الآن وقد رأيت الكثير.
جبتُ أعالي جبال العيون البنية باحثة عن شطئان عذبة، فانهالت علي شلالات حانية نهلت منها بلا حساب، إنما ظللتُ صديانة للمزيد ولم يبخل مالك كعادته، فقد أغرقني بقبلاته على صفحة وجهي.
من بين قبلاته همس في أذني:
- أنتِ أجمل جميلة في عيوني، تصادف كونك قوية لا تقهر، وأفضلهن قويات ذوات نظرة للمستقبل وليس فقط للحياة الآنية.
أنت تقرأ
سوء توقيت
Fantasyسوء توقيت هو الجزء الثالث من سلسلة ابنتي تحكم مملكة الجان ومارد من الإنس، أرجو أن تستمعوا بها
