الجزء ١٢

125 5 0
                                    

وهكذا أصبحت أعراض الناس وسيلة للترفيه وفاكهة المجالس ولأنهم فقراء ضعاف لايملكون القوه للدفاع عن أنفسهم.
فحبيبة تسمع قذف الناس بعرض إبنتها فتقتلها الدموع ولا تملك إلا الدعاء .
أما محمد فتوقف عن الذهاب الى المدرسه بسبب معايرة الاولاد له فيسبهم مره ويتعارك معهم مرات.
وكعادتنا أيضا بعد مرور الوقت برد حماس الناس وتخلى الجميع عنها وخاصة بعد إنتشار الاشاعات فأصبحت ياسمين شبهه يتنصل عنها الجميع.فتوقفت الجارات عن إرسال الطعام وتوقف إمام المسجد عن الدعاء لها بعد الصلاة
أما حبيبه فقد إنشطر قلبها إلى نصفين نصف مع زوجها الذي يحتاج إلى رعاية خاصة فبسبب حالته أخفت عليه وضع ياسمين وبررت غيابها أنها في معسكر تابع للجامعه أما نصفها الأخر مع إبنتها المسكينة.
أما ياسمين فبعد عودتها من المستشفى فقد تم إستدعائها للتحقيق ولمدة ثلاث ساعات متتالية إنتهى بصراخها وإنهيارها.وتكرر التحقيق معها مدة أسبوع كامل وانتهى بنفس النهايه فعقلها رافض أن يستوعب كل ما مرت به ونتج عن ذلك عدم تذكرها لمعظم الاحداث.فهى للأسف لا تذكر إلا أنها تسير في طريق مظلم وفجأة شعرت بمن يسحب ملابسها وصوت يترجاها أما باقي الاحداث فلا تذكرها.فإضطر وكيل النيابة مد فترة الحبس مع إرسال من يتحرى عنها في المنطقة لمعرفة حالتها وظروفها الاجتماعية وبالتأكيد سيتحرى عن سمعتها.
بعد أسبوع خرج للنور التقرير الخاص بالطب الشرعي والمعمل الجنائى لتوجه النيابه رسميا تهمة القتل العمد لياسمين.
فى حين كانت أمها بالخارج تحلم بخبر البراءة لكنها صدمت بالشاويش يقول لها: شوفى محامي لبنتك البنت تهمتها خطيرة وأخرها حبل المشنقة فإلحقى ببنتك.
لم تتمالك الأم من الصراخ والصراخ والاستجداء بالناس ولكن الكل مشغول بحاله.
أما الأستاذ حسن فعندما علم بالتهمه الموجهه لياسمين وما إنتشر من إتهامات مست شرفها فما كان منه إلا أن أخرج رزمه بألف جنيه ووضعها في يد أم ياسمين ثم طلب منها أن تبتعد عنه هى وابنتها ويكفيهم ما مس المحل بسببهم وتركها لتظلم الدنيا من حولهم أكثر وأكثر...............    ..........................
************************************
سائر في أروقة القسم وهو ممسك ببعض الاوراق لا يصدق ما أل عليه الحال فبعد أن ترك المحامي الشهير الذي يعمل معه وقرر فتح مكتب خاص به ظانا ان القضايا ستنهال عليه ليصبح من أشهر المحامين في البلد لكن ما حدث غير ذلك.
فلم تصله أى قضية حتي الأن ستة أشهر كاملة لم يصله فيها أى قضية وكأن العالم يعيش في سلام ومحبة.وهاهو يسير في القسم لينهى بعض الأوراق لأحد المحلات مقابل خمسين جنيهاً ابتسم بسخرية على حاله ويحمد الله أنه فتح مكتبه في شقته الصغيرة فهو عاجز عن دفع الإيجار أو حتي دفع راتب السكرتير.
بعد أن أنهى معاملته سمع بكاء هستيرى وصوت إمرأة تستجير بالله وقد إجتمع حولها عدد من الموجودين بالقسم فسأل الموظف عنها فقال الموظف: دى يا أستاذ عبدالله واحده بنتها محبوسه في جريمه قتل والنهار ده هتترحل للحجز الاحتياطي حتي موعد محاكمتها.
فشعر بالأسى على هذه الأم والضيق من هذه الفتاة المستهترة ويدافع الفضول أقترب فسمع الأم تبكي وتقول: البنت هتروح منى ومافيش حد في قلبه رحمه يعطف علينا البت في الحبس وأبوها هيروح منى أعمل إيه بس يا ربي.
فسألها أحد العساكر: ليه ما شوفتيش محامي لبنتك يا حاجه.
حبيبه: مافيش حد راضي يساعدنا وكل واحد عاوز عشرة ألاف جنيه قبل ما بستلم القضية أجبهم منين يابنى.
فإبتسم عبدالله بسخرية فما قالته المرأة حقيقى فكل محامي يحتاج على الأقل خمسة ألاف جنيه تحت الحساب وقبل أن يغادر ناداه الموظف: يا متر عبدالله أنا خلصت لك الاوراق فارتفعت عيون المرأة إليه ليلمح في عيونها نظره متوهجة بالأمل للحظة وفي اللحظة التالية كانت أم ياسمين عند قدميه تتوسل إليه وتقول: إلحق بنتى وأنا أخدمك طول عمري.
فينحنى عبدالله ليوقف هذه المرآة على قدميها ويقول: أستغفر الله يا أمى ما يصحش ده.
فإستمرت أم ياسمين في توسلها بدون كلل حتى شعر عبدالله بالخجل منها فقال: خلاص هاتى ملف القضية وأنا ها شوف......
قبل أن يكمل كانت حبيبه ( أم ياسمين)تسحبه معها إلى غرفة وكيل النيابة ليقف أمام وكيل النيابة ليكتشف أنها لم تجهز أي أوراق للقضية.
طلب من وكيل النيابة رؤيه المتهمة.ليرى إبتسامة ساخره من وكيل النيابة قبل أن يعطيه الإذن بنصف ساعة فقط.
فى المكتب جلس عبدالله ينتظر المتهمة وفي عقله صور سيئة عنها لكنه عاهد الله أن يساعدها قدر المال الذي سيأخذه من أمها ثم يترك القضية.
ليفتح الباب ويدخل العسكري وهو يجر فتاه ما أن وقفت أمامه حتى إرتعش كيان عبدالله كله فأمامه شابه صغيره تكاد تكون طفله بعيون زرقاء مليئة بالدموع وجسد ضئيل يرتعش.ما رأه نسف كل ما كان في مخيلتة وقبل أن يتحدث معها وجدها تقول بصوت خائف مرتعش: والله العظيم أنا ما قتلت حد والله العظيم أنا بريئه والله بريئه والله أنا ما قتلت حد.
أفقدته كلماتها الخائفة القدرة على الكلام فقد كانت صادقة لدرجة شديدة.وأشعلت بداخله رغبة عجيبه أن يضمها إلى صدره حتى يوقف إرتجافها فبدون شعور مسك يدها الباردة وقال: أنآ مصدقك بس عايز أعرف إيه اللى حصل بالضبط.
لم تعرف لما توقفت الدموع في عينيها وهي تقول: مش فاكره والله العظيم مش فاكره إلا إني كنت في مشوار عند المعلم قدرى وأنا مروحه الدنيا كانت ضلمه قوى بس مش فاكره حاجه والله العظيم ما فاكره حاجه تانى وأجهشت في البكاء.
فإبتسم لها إبتسامة مطمئنة ليهدء من روعها مع وعد بالمساعدة.
وفي نفس الوقت دخل عليهم الشاويش يحمل نسخه من أوراق القضية ففتحه عبدالله بدافع الفضول ولكنه صعق ودارت الدنيا من حوله عندما قرأ
إسم القتيل.
************************************
فى الغرفة المجاورة جلس المحقق. المسؤل عن القضية وهو مبتسم يرتشف من قهوته يتلذذ ويضيف إلى متعته بعض أنفاس سيجارته.
فما حققه اليوم يعد إنجازاً فقد أنهى القضية في وقت قياسي وسيسهل الأمر هذا المحامي فهو قليل الخبرة ومبتدأ.لم يمنع إبتسامته وهو يتوقع ترقية أو حتي مكافئة إستثنائية فالقضية منتهيه فتقرير الطبيب الشرعي أوضح أن البصمة الكاملة على السكين هى بصمة المتهمة لكن المحقق أخفى   أن هناك بصمات أخرى مجهولة ومنها بصمة القتيل نفسه كما همش أيضا أن المكان الذي وجدوا فيه القتيل لم يكن الموقع الأساسي للجريمه وأن الطب الشرعي والجنائى تتبعوا مسار الدم حتى وصلوا إلى عمارة تحت الانشاء يمتلكها القتيل كما همش وجود أثار لمعركة .كما تعمد تشكيك المعلم قدرى في موعد خروج المتهمة من عنده وكتب ميعاد مختلف لأن المدة التي ذكرها المعلم قدرى لا تكفي للقيام بالجريمة.كما أكد وبشدة إعترافها فى مسرح
الجريمه أنها السبب في موت القتيل كما أصر على أن يشهد كل الموجودين في مكان الجريمة على إعترافها والتأكيد بأنها أعترفت بدون أي ضغط أو إكراه.كما أبرز وأكد ما قاله الجيران عن سوء سمعة الفتاة وهو يعلم جيدا كمية الشائعات التي تنتشر بعد كل جريمه لتصبح الصورة النهائية مجرد ساقطة سيئة السمعة تستدرج الرجال من أجل المتعة المحرمة ولما إختلفت معه في أجرتها قتلته.،*
********************************
            ***      بعد ثلاثة أشهر******
جالس في مكتبه وقد إفترش أمامه أوراق القضية والخوف مسيطر عليه فالقضية كبيرة وصعبة لا ينكر والخوف أن يخسرها فيكون السبب فى هلاك ياسمين.هو واثق في برائتها بنسبة مائة في المائة حتى قبل أن يدرس القضية فبمجرد أن قرأ إسم القتيل ( عماد الهادي) المحامي لم يصدق أن تكون نهاية عماد الهادي أسطورة القانون الحلم الاول لكل محامي أن يكون مثله كل طالب يتمنى أن يتدرب تحت يديه ياخذ من خبرته ويشرب سر الصناعه منه ويبني إسم كإسمه فعماد هو الوحيد القادر على قتل القتيل والسير في جنازته بدم بارد بل ويطالب من أهل القتيل التعويض لا يعرف الرحمة لا يعرف العدالة والحق لا يعرف إلا المال............. لكن ما فائده المال وقد قتلته فتاة صغيرة............... لكن لا مستحيل فياسمين ضئيلة وضعيفة كيف تقتله بدون أى مقاومة من عماد وخاصة أنه عملاق بالنسبة لياسمين فهو ضخم جدا وممتلئ وقوى البنيان حتى ولو كانت تمسك السكين فمعروف عن عماد مهارته الشديدة في قتال الشوارع فهو قادر أن يقسمها نصفين بيدبه العاريتين......فكيف تقتله ياسمين بدون أى خدش في جسدها وهذا ما أكده الطب الشرعي الأمر فيه سر غريب....
أه لو وافقته هذه الفتاة لكانت إنتهت القضية فما عليها إلا أن تتدعى أن عماد خطفها وحاول الاعتداء عليها وأنها قتلته للدفاع عن شرفها لأخذت برائه فوراً وخاصة أن معظم المنطقة ملك لعماد الهادي أي أنه خطفها في أملاكه وما سيساعد أيضا أنها لم تدلى بأقوالها عما تذكرته لكنها رفضت وأصرت أنها لن تتهم هذا الرجل بهذه التهمة البشعة فهو بريئ منها وهو بين يدي الله الأن.
مسكينه لا تعلم من هو عماد الهادي فلو كان حيا وطلب منه الدفاع عنها لكان هذا الاتهام هو أول أفكاره وتليها أفكار أخرى تنتهي بالبرائه الأكيده مع التعويض
لكن ياسمين محقه فلن أدنس سمعتها بهذه الوصمه يكفيها ما نالها.
************************************
خرجت حبيبه مسرعه من البيت فقد إقتربت جلسة محاكمة ياسمين تاركه أبنائها يرعون أبيهم  ولأنهم أطفال فقد إنشغلوا باللعب ونسوا طلب أمهم ألا يزور أحد أباهم فقد شغلهم اللعب ولم ينتبهوا للضيف الكريم صابر الحلاق الذي دخل ليطمئن على عم سعيد وبالمره يسأله عن القضية ولم يعلم أنه سيذبح عم سعيد.
فقد سمع أهل الحارة صوت صرخات عاليه تأتى من السطح ليجتمع الجيران وهم يشاهدون عم سعيد وهو يصرخ ويقول هاتولي بنتى أنا عاوز بنتي كان قلبي حاسس بيقولوا ليا فى معسكر وأنا قلبي كان حاسس إنها في مصيبه .
فحاول البعض تهدئته: وحد الله يا عم سعيد بنتك إن شاء الله هتخرج براءة.
لكنه كان كالأسد الذبيح يحرك يديه في كل مكان ويتلفت بوجهه في كل إتجاه أما عينيه الغير مبصره فقد كانت تفيض بالدموع على إبنته وعلى عجزه .
نظر الجميع باللوم لصابر الذى قال: وأنا مالي إيه عرفنى إنهم مخبيين على الراجل فضايح بنته .
ليهيج سعيد أكثر ويدفع بنفسه من على السرير ليسقط على الأرض وهو يصرخ وينادي على حبيبه زوجته وياسمين إبنته وكلما اقترب منه أحد ليساعده دفعه بيديه ليزحف بيديه ويجر جسده ليحاول فتح الباب وهو يقول: أنا إللى هجيب بنتى... أنا إللى هاحميها من الناس كلها .....بنتى مش بتعمل فضايح.... كتر خيركم كلكم ..
ليؤلمه جسده المتعب فالمجهود والحركة ممنوعه عليه لينهار جسده ويقول يارب ليفقد الوعى ويسرع الناس باستدعاء الاسعاف  . فتدخل حبيبه الحاره لتجد أبنائها يبكون بانهيار ورجال الاسعاف يحملون جسد زوجها للمستشفى وتدور الدنيا من حولها .

دموع الياسمين وإبتسامتها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن