الجزء ٢١

126 5 0
                                    

عشرون جنيه فقط عشرون جنيه مبلغ تافه لا يساوي شيئا قد يدفعه للسايس في الجراچ مقابل ركن سيارته أو ربما كبقشيش لاحد عمال المطاعم بعد تناول وجبة راقيه لكن من يصدق أن هذا المبلغ البسيط يساوي عنده متعة وراحة وسعاده يشعر بها أحمد كل يوم فبعد موقف الغدا السخيف جدا فكر أحمد كثيرا في طريقه يعوض بها ياسمين عن المبلغ الذي دفعته مقابل الغداء وفلو صرف لها مكافئة في العمل لأصبح مكشوفا جدا لذلك قرر أن يعوضها بأن يدعوها لتناول الغداء معه لأسبوع كامل وهذا الاسبوع كافى جدا وبعدها ينهي هذه اللعبة السخيفة ويعرفها أنه صاحب العمل وأنها موظفه في شركته .
وبالفعل فى اليوم التالى لحقها وقت البريك ليدعوها لتناول الغداء معه لكنها إعتذرت وقالت: أسفه أوى يا أستاذ أحمد بس بصراحه أنا ما حبتش المطعم إمبارح والأكل كمان غريب انتوا بتاكلوا الحجات دى إزاي.
فيتفاجأ برفضها: طيب لو مش عاجبك نروح مكان تاني.
ياسمين: روح إنت بالهنا والشفا وماتعطلش نفسك عشانى أنا عارفة إنك بتعمل كده عشان عزومة إمبارح بس أنا مش زعلانه والله.
لتتركه وترحل في حين عقله لم يستوعب أنها رفضت دعوته لها ولأول مرة في حياته يدعو فتاة وترفض دعوته ليكتشف أنه يراقبها وهي تدخل أحد المحلات الشعبية وتخرج حامله كيس فيه الطعام لتتجه لأحد الحدائق العامة المطلة على النيل لتجلس على منضدة تحت شجرة كبيرة وتفتح الكيس وتخرج شطيرة الفول ليتحرك بصورة أليه ويجلس بجوارها لتبتسم وتمد له بشطيرة فيبتسم ويأخذها منها.
لكن الاسبوع أصبح أسبوعين فشهر فشهرين وحتى الأن لم يكتفي أحمد لم يصدق أنه سيجد كل هذه المتعة مع هذه الساذجة البسيطة حتى أنه أصبح عاشق لساعة البريك ينتظرها بفارغ الصبر ليتجها معا إلى أحد المطاعم الشعبية ليشتروا عدد كبير من شطائر الفول والفلافل اللذيذه ويتجها معا لأحد الحدائق العامة المطلة على النيل من يصدق أن أحمد بيه حفيد إبراهيم باشا توفيق يصبح عاشق للفول والفلافل يجلس بجوار فتاة بسيطة الملابس هادئة الملامح في حديقة عامة متخليا عن چاكت البدلة وربطة العنق وحتى عن سيارته الفارهة ربما لم يعلم أن ياسمين قد إستخدمت سحرها معة ومستغله موهبتها الخارقة في الإنصات إليه فيحكى ويحكى دون أن تمل من سماعه يحكى عن شقاوته في طفولته وعن مرحه في شبابه ومغامراته التي لا تنتهي وهي تسمع له بعيون مفتوحة براقة مبهورة بكل ما تسمعه تبتسم مع إبتسامة تضحك لمواقفه المجنونه وتكاد تجن من طيشه وتهوره.
تمنى أنها تعرف حقيقته حتى يحكى لها عن ما في قلبه من ألام وهموم يحكى لها عن غبائه وعن وحدته ويحكى عن أمه وهايدى النسخه المصغرة عن أمه.وكيف تحول الحب في قلبه لكراهيه لأن قلبه لم يبقى على حاله لا يعلم لماذا يشعر بالراحة مع هذه الفتاة بالذات دون غيرها ربما لأنها أعادت له شئ من الطفوله عندما كان يهرب من المدرسة ليتجول في الشوارع بدون حراسة أو سيارة كشخص عادي.فهو يجلس كأحمد فقط بدون شركة أو أموال أو ألقاب لم يتمالك نفسه من الضحك عندما تذكر أول طبق من ( الكشري) المصري الشهير عندما أصر على تغيير الشطائر لتدعوه لتناول هذه الكارثة الحارقة اللذيذه فقد كادت أن تموت من الضحك عليه وهو ينفخ من الشطه لينهار من الضحك وهو يذكر دخولهم ( المسمط) لتناول فته وكوارع فبعد تناوله هذه الوجبة الرائعة كاد أن يموت عندما عرف أن الكوارع هى أقدام الحيوان وبعد لحظات من الضحك المتواصل على هذه الذكريات إنتبه للعيون التي تراقبه بدهشة فقد غرق في بحر الذكريات ونسى أنه في إجتماع مجلس الإدارة يناقش مع أمه وهايدى المشروعات الجديدة ليقول في نفسه:شكلى إتجننت من أكل الفول منك لله يا ياسمين.
ليقول بجدية: أسف يا جماعه نكمل إجتماعنا
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ماما يا ماما إستنى يا ماما ما تروحيش بعيد.
يسمع الناس في الشارع هذه الصرخات ويرون فتاة تجرى بسرعه وتحاول اللحاق بأتوبيس مسرع تحاول اللحاق به لكنها تفشل فتقع على الأرض وتصرخ بصوت عالى وعيونها متعلقة بالأتوبيس البعيد: يا ماما إستنى....... يا ماما ما تبعديش ثم بصوت باكى مخنوق ضعيف يا أمى بموت..... والله بموت من غيرك ....... ثم بألم وصوت متعذب أبوس إيدك نفسى أشوفك ولو لمرة واحدة لتنهار بالبكاء بصوت عالي فيتجمع الناس من حولها من يشفق عليها ومن يريد مساعدتها وايضا وللأسف من ينتهز الفرصة في التلامس القذر فحاول البعض مساعدتها على الوقوف لكنها بلا أى قدرة على المقاومة فسندها البعض حتى ترتاح على أحد الكراسي بجانب الطريق .كانت تناظر الجميع بعيون باكية وجسد منهار فما أن رأت تلك المرأة التى ترتدى عبائة سوداء وتحمل طفله صغيره على كتفها حتى ظنتها أمها وجريت حتى تلحق بها لكن المرأة ركبت الاتوبيس ورحلت ليضيع الأمل من ياسمين وتنهار كالعادة ليخترق الجميع صوت رجل يقترب منها ويقول بحنو وعطف: انتروها شوي راح ترتاح وتصير منيحه.
وبدأ في تفرقة الناس من حولها ثم أقترب منها وقال: كيفك: هلا صرت منيحه ؟ فنظرت إلى عيونه الخضراء وهزت رأسها بالايجاب دون أن تتكلم.
فقال: أنتورينى هون شوى راح أتى بإنينه مى) سمعانى ما راح أتأخر دئيئة واحدة okay فتهز رأسها ليتجه لأحد المحلات بينها بدأت هى تستوعب وتستعيد وعيها وتسترجع ما حدث لتقوم بخطوات مهزوزة وهي تستند على واجهة المحلات لتشير لإحدى سيارات الأجرة لتركبها وتعود لمنزلها حزينه ومحطمه كعادتها كل مره تخرج فيها للبحث عن أمها وإخوتها
#########################
تجلس إلى جواره في ركن بعيد في الحديقه العامه تتناول الطعام في شرود على غير العادة عيونها حزينه أكثر من العادة بسيطة لكنها مميزة جدا في بساطتها تمنى للحظه أن يدخل عقلها ويعرف سر حزنها الشديد فبالرغم من مرور أكثر من شهرين يتشاركا فيه ساعة يوميا يتناولان الغداء معا وقد يزيد الوقت فيوصلها حتى محطة المترو إلا أنه لا يعرف عنها أى شيئ تتحدث دائما عن عبدالله باحترام وتقدير شديد وعن زوجة عبدالله وابنته وكأنها لا تري في الدنيا إلا عبدالله وبس وقليل ما تتحدث عن أهلها وإن ذكرتهم تذكر اشتياقها لهم وكل كلامها بصيغة الماضي البعيد هذه الفتاة سر.فحاول يستدرجها بالكلام لكنها كعادتها تهربت منه وقالت: تعرف إن فيه حرب كبيرة هتقوم في الشركه ؟
فسألها مستفسر: حرب......حرب إيه؟
فتقول: هايدي هانم هتقتل أحمد بيه.
فيرفع حاجبيه بدهغ: مش فاهم!
فتقول: ظهرت صورة له فى مجلة مع ممثلة مشهوره وهما في حفله وكل الموظفين بيقولوا الحرب هتكون شديدة والضحية أكيد الممثلة لأن هايدي هانم هتقتلها وترمى جثتها في النيل.
فنظر أحمد بوجوم شديد فما قالته ياسمين صحيح فهايدى تتعمد إثارة المشاكل مع كل إمرأة يتعرف عليها وتفرض عليه حصار خانق وربما كان هذا أحد الأسباب إخفاء حقيقته عن ياسمين حتى يهرب من حصار هايدي السخيف.
فقال بفضول: وإنتى عرفتى من مين ؟
فترد ببساطه: من سلمى دى مجنونه بحاجتين الكمبيوتر وأحمد بيه تقريبا كل أخباره بنعرفها منها
- وإنت شفتى صوره أحمد بيه في المجلة ؟
فأجابة ببساطه: طبعا لأ الله الغني أنا عمري ما دخلت مكاتب المديرين أو حتى طلعت الدور السابع وبصراحه أنا مرتاحة كدا.
فابتسم أحمد بسخرية: فهذا سبب عدم معرفتها له حتى الأن فى البدايه تمنى أن تعرف حقيقته لكنه الأن يخاف من هذه اللحظة يخاف أن يضيع السحر الذي يشعر به معه.يكره أن يرى الخوف منه في عينيها يريدها أن تتحدث معه بنفس بساطتها بلا تكلف أوعقد أو رسميات تناديه بإسمه بدون ألقاب تنتقده على أخطائه بلاخوف تبتسم في وجهه بلا رياء ولا نفاق يريد أن يكون أحمد فقط بدون رسميات.ليسألها سؤال يلح عليه: ياسمين إنت مرتبطة ؟
لتنظر له في ذهول لتكتشف أنها لم ترتبط أبدا حتى المرة الوحيدة التي ظنت أنها أحبت أحبت الأستاذ حسن كان بالنسبة لها الاستاذ حسن حتى في أحلامها الساذجة تناديه بالاستاذ حسن وأقصى أحلامها عن الرومانسيه أن تعد له كوب من الشاي ويبادلها الرومانسيه بسلامة عليها ويدها مملؤة برغوة الصابون.فضحكت على سذاجتها الطفولية وخاصة إنتهت أحلامها الساذجة وهي تقدم المشروبات إلى الضيوف في حفل خطوبتة.
يبدو أن أحمد يئس من إجابتها لكنها إنتبهت لكلامه فقالت بدهشة: هتسافر!!!!!!!
أحمد: أيوة بعد ثلاثة أيام.
لتسأله بسرعه: ليه.... ثم إنتبهت فقالت ....أقصد فين؟
أحمد: باريس في فرنسا.
فلمح نظرة حزن فى عينيها.فقال عشرة أيام بس.
إنت عارفه أحمد بيه هيسافر لعقد صفقة شغل هناك ولازم أكون معاه.
فقالت: ربنا يوفقة ويكتب له الخير ويحقق له كل أحلامه.
فيبتسم ويقول: أيوة يا بختك يا أحمد بيه بتاخد أحلى الدعوات من ياسمين.
فتقول: ربنا يوفقك إنت كمان ويفتح لك كل أبواب الخير وترجع لنا بالسلامة.
فيبتسم لها ويقول: دعواتك حلوة اوى ممكن تدعى ليا كتير.
فهزت رأسها موافقة.
فقال: تحبي أجيب لگى إيه من فرنسا
لتقول: أنا مش عاوزه حاجه
أحمد: ازاى باريس أرض الجمال والسحر والموضه اكيد عايزة مكياج أو عطور أو حتى فستان لينتبه أنها لا تضع أى مكياج ولا عطر ولا ترتدي ملابس فخمه فهى كتله من البساطة.فإبتسم لها وقال: هختار أنا هديتك بنفسى وعلى ذوقي.

دموع الياسمين وإبتسامتها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن