الجزء ١٦

124 5 0
                                    

فى أحد الشقق الراقية في حى راقي وقفت شابه في التاسعة والعشرين من عمرها جميله جمال راقي بشعر وعيون بلون القهوة وبشره بيضاء رائعه.
كانت في المطبخ تحضر وجبة الغداء وعلى وجهها كل علامات الضيق والغضب فقد أخبرها زوجها العزيز بأنه سيحضر معه (ياسمينته) العزيزة لتناول الغداء في بيتها.
لا تعرف كيف يفكر زوجها؟!.
فهو لم يكتفي بزيارته لها كل شهر في السجن أو بالمال الذي يضعه لها في السجن ليزيد الأمر بدعوتها لتناول الطعام في بيتها.
تشعر بضيق شديد وبغضب أشد فمن أجل رد السجون إضطرت أن تغيب عن عملها كطبيبه في المستشفى.وإضطرت لتجهيز الطعام لها.
نعم تشعر بالغضب والقليل من الغيره فإسم ياسمين لم ينقطع من بيتها أبدا منذ أن خطبها عبدالله وقصته الاسطوريه عن لقائه بأم ياسمين وعن القضية الخاسرة التى كانت سبب شهرته وانتقاله من صف المحامين المجهولين إلى محامى معروف ومشهور.
لماذا ياسمين لماذا فأنا زوجته حبيبته أنا من يجب أن يقترن إسمى بإسمه في قصة كفاحه لا ياسمين.
كدت أموت عندما أراد أن يسمى طفلتى بياسمين ولم أرتاح إلا عندما تأكدت من تسميتها (هنا).
نعم عبدالله طيب وحنون وزوج رائع فى كل شىء إلا ما يخص ياسمين.
حتى عندما شكوت لأمى كانت فى صفى لكن بعد جلوسها مع عبدالله طلبت منى أن أتعايش مع زوجى وأتقبل وجود ياسمين في حياتنا فقصة ياسمين تتشابه مع قصه عبدالله.فبعد إنفصال والديه وزواج كل منهما وإنشغالهم عنه وجد نفسه وحيد منبوذ من أهله إضطر أن يعمل ليكسب لقمة عيشه وكان من السهل عليه أن يضيع لكنه حاول وإجتهد حتى تخرج من الجامعه لكنه عاش حياته وحيد لم يعرف معنى الأهل أو العائلة.مثل ياسمين فهى وحيده بلا أهل وبلا عائلة وهذا ما حرك داخله رغبة قوية في حمايتها..
تاخر الوقت وأذنت العشاء ولم يأتي عبدالله حتى الأن لقد برد الطعام ونامت هنا والقلق سيقتلنى.أتنمنى أن يأتى مع هذه الفتاة لتتناول الطعام ثم ترحل عن حياتنا إلى الأبد..
بعد لحظات سمعت صوت الباب يفتح ليدخل عبدالله وهو يرحب بياسمين ويقول بسعاده.
عبدالله: سلمى يا ساره على ياسمين.
( نظرة متفحصة شاملة من عين ساره إلى ياسمين من البداية جسدها نحيل وطويلة لكن جسمى أحلى من جسمها ثم شعر ذهبي طويل جدا مجموع كضفيرة طويلة تصل إلى خصرها لكن شعرى أحلى من شعرها.وجه بريئ خالى من أى مساحيق التجميل وملامح هادئه لا تتناسب مع فتاة قضت أكثر من خمس سنوات في السجن لكنى أيضا أجمل منها لكن عيونها وأه من عيونها الزرقاء فيها نظرة حزن عميقة مختلطة بخوف خليط مثالى يفجر داخل كل من يراها الرغبة الشديدة في الحماية.غلبتنى نظرة عيونها  فقد أعطت عبدالله مالم أعطيه له .فقد عشت حياتي لى إستقلالى ولى كياني الخاص حتى عبدالله كنت له كند.
نبهها من سرحانها صوت عبدالله وهو بعرفها على ياسمين.: دى ساره مراتى يا ياسمين..
فاقتربت ياسمين بسعاده من ساره لتعانقها لكن وقفتها يد ساره التي سلمت على ياسمين ببرود وجفاء ولم تهتم لنظرة اللوم في عيون عبدالله.ويبدوا أن ياسمين كانت متعبة فلم تنتبه لأسلوب سارة لتقول بسعاده: الدكتورة سارة أجمل بكتير من الصورة وحتى بيتكم أجمل بكتير من وصفك يا أستاذ عبدالله.
( فتشعر سارة بغضب أشد لقد أراها صورتى وعرفها على بيتى فماذا تبقى أن يحكى لها خصوصياتى وأسراري)
لتنتبه لعبد الله وهو يحمل طفلته ذات العامين ويقدمها لياسمين.لتحملها ياسمين وتقبلها بعمق ولم تمنع دموعها من النزول لتتفاجئ بسارة تسحب هنا من أيدى ياسمين بعنف ولم تهتم بغضب عبدالله الذي سحبها لغرفتهم الخاصة تاركا ياسمين مع طفلته في الصاله.
عبدالله: ممكن أعرف إيه إللي بتعمليه ده يا سارة ؟
سارة: عملت إيه مش ناقص إلا رد السجون تمسك بنتى كمان مش كفاية جايبها من السجن على بيتى دا كتير أوي مش قادره أستحمله.
عبدالله: مش قادره تستحملى إيه إن ضيفتى تدخل بيتى وتتعشى دا صعب أوى عليكي لدرجة إنك تعامليها المعامله دى صعب عليكي أوى إنك ترحبى بيها مش عاوز أكتر من كدا.
سارة: أرحب بأى حد إلا دى مش خايف يا أستاذ يا محامى على سمعتك لما تعرف الناس إنك جايب رد السجون فى بيتك وسمعتى في المستشفى هيقول الناس عنى إيه ؟
عبدالله: كل إللي هامك كلام الناس ومين هيعرفهم غيرك ماأظنش ياسمين مكتوب على وشها مسجونه.
سارة: يهمنى طبعا كلام الناس ناسى إنك محامى وسمعتك بين الناس هيا راس مالك يا أستاذ يا محامى هيقولوا عنا إيه.
عبدالله بحزن: هيقولوا إننا بشر يا دكتوره يا إنسانه.ثم تركها وخرج من الغرفه ولحقته سارة ليجدوا ياسمين نائمة علي الكنبة و هي محتضنه هنا الصغيرة النائمه.ليقول عبدالله: حتى أكلك يا سارة ياسمين مش عاوزاه منك تصبحى على خير يا دكتورة ويا ريت تغطى ياسمين
فتلتفت إليه سارة وتقول يغضب: عاوزنى أنا أغطيها بإيدى.
فيرد عليها بضيق: وهل هتقبلى إنى أنا إللي أغطيها ويتركها ويدخل غرفته.
لتأخذ سارة وهي مضطرة تأخذ مخده لتريح رقبة ياسمين عليها وبطانية وتغطيها ثم تحمل بنتها وتدخل الغرفه فهى تعلم أن عبدالله غاضب بشدة لكنها معزورة فقد شعرت بغيره شديدة من ياسمين بسبب إهتمام عبدالله المبالغ فيها.وهكذا قضت ياسمين أول ليلة لها خارج السجن غريبه في بيت غريب.
فى اليوم التالى في الساعة الثانية ظهرا إستيقظت ياسمين مستغربه مكانها فعقلها غير مستوعب أنها أصبحت حره خارج السجن.. وبعد لحظات تجد الدكتورة سارة خارجة من غرفتها تحمل هنا الصغيرة فتقول ياسمين في خجل: أسفة يا دكتورة مش حسيت بنفسى ونمت.
فتقول الدكتورة سارة: حصل خير فيه فطور على السفرة إفطرى.
فتقول ياسمين في خجل: كتر خيرك بس أنا عاوزه أصلى فتشير لها الدكتورة عن مكان الحمام ثم تأتى بسجادة الصلاة وتفرشها فتخرج ياسمين من حقيبتها حجاب فترتديه على ملابسها وتبدأ في صلاة كل ما فاتها من فروض.ويدخل عبدالله فيرى ياسمين وقد أنهت صلاتها فيقول بلطف: حرما.فتبتسم وترد: جمعا إن شاء الله.
عبدالله: كويس إنك صحيتى يلا معايا.
فتقول سارة بسرعه: هتروحوا فين ؟ فيلتفت لها عبدالله فتقول مبررة ياسمين لسه ما فطرتش.
فيرد عبدالله: مش مهم يالا يا ياسمين.
فتقوم ياسمين من مكانها وتبتسم لسارة وتقول: كتر خيرك يا دكتورة وأسفه لو أزعجتك بأى شيئ عن إذنك.ليخرجا معا تاركين سارة تحترق من الغيظ.
فى السيارة تقول ياسمين: كتر خيرك يا أستاذ عبدالله سبنى في الحارة وجزاك الله كل خير.
فيقول عبدالله: مستحيل أسيبك هناك إنتى مسؤولة منى.
ياسمين: مش عاوزه أسبب لك أى مشاكل.
عبدالله: مافيش أي مشاكل إنتى واثقة فيا.
ياسمين: أكيد ربنا يعلم أد إيه
عبدالله: يبقى تسمعى كلامى.
ياسمين: إحنا هنروح فين
عبدالله: بيتك
ياسمين بدهشة.بيتى
فتدخل السيارة أحد الحارات الشعبيه وتقف أمام عماره قديمه لكنها بحالة جيدة جدا.لينزل عبدالله ويطلب منها النزول ويصعد معها للطابق الثاني ويخرج من جيبه مفتاح الشقة ويفتحها فتدخل ياسمين في شقه صغيره مؤسسة بأثاث بسيط لكنه جميل ونظيف عبارة عن غرفتين وصاله ومطبخ وحمام.
فتقول ياسمين: بيت مين دا يا أستاذ عبدالله
عبدالله: ده كان بيتى زمان وكمان كان مكتبى الاول من هنا بدأت حياتي من هنا وفي الغرفه دى كنت مع أمك بدرس أول قضية ليا فتلتفت ياسمين ناحية الغرفه بشوق لأمها وكأنها تراها.
فيكمل عبدالله: بعد ما ربنا فتح عليا رفضت أبيع الشقة دى
فتقول ياسمين: وأنا مستحيل أخد بيتك إن شاء الله هأبحث عن أى غرفة أعيش فيها أما شقتك فحرام عليا أخذها
فيقاطعها عبدالله: قلت لك قبل كدا إنتى مسؤولة منى وكنت عارف إنك ترفضى تعيشى في الشقة وتقولى كلامك الفارغ ده.ليخرج من جيبه عقد ويقدمه لها ويقول ده عقد إيجار الشقة بإسمك بقيمة مائتين جنيه في الشهر (الاحداث في عام ٢٠٠٧) كانت الحياة في مصر رخيصه) وفي العقد أنا حصلت على إيجار مدة خمس سنوات مقدما  يعنى ده بيتك مدة خمس سنين ومش هقبل أي نقاش في الموضوع ده.وبعد الخمس سنوات هاخد منك إيجار ثم أخرج عدة نسخ من المفتاح وقال: دى كل النسخ الخاصة بالشقة حتى تتطمنى وحتى أنا مش هزورك إلا بعد ما أستئذن منك عشان أطمن عليكي أما بالنسبة للشغل فأنا هساعدك وهبحث معاكي عن عمل ملائم لك.تعالى ناكل معا عشان هموت من الجوع.
ليضع على الطاولة لفتين كبيرتين فيهما كباب وكفته مع السلطة الخضراء وسلطة الطحينه والخبز الساخن ليتناولا معا أول وجبة لهما معا من بعد أكثر من خمس سنوات كاملة من المعرفة.
بعد أن رحل عبدالله بدأت ياسمين تستكشف المكان.غرفة نوم جميله باللون البيج وأثاث باللون البني وستائر بنفس اللون ودولاب متوسط الحجم بنفس اللون بسيطة لكنها مرتبة ونظيفه ومريحة للعين والأعصاب وايضا غرفة المكتب التى تحولت لعرفة إستقبال يغلب عليها اللون الرمادي مع بعض اللوحات الفنية المعلقة على الحائط أما الصالة ففى منتصفها طاولة وأربع كراسى للطعام إنتبهت لوجود ظرف على الطاولة لما فتحته وجدت بداخله خمسمائة جنيه. وورقة مكتوب فيها: إذا إحتجتى أى شيئ فأنا في الخدمة وهذه هي أرقامى كلها.
فشكرت الله أنه أرسل لها عبدالله ليكون عوض لها عن فقدانها أهلها.
ثم تدخل المطبخ لتجد أن عبدالله قد ملأئه عن أخره بكل إحتياجاتها من أرز ومكرونه وسكر وشاى وقهوة وخضروات مثل البطاطس والبصل وفتحت الثلاجة لتجدها مليئه باللحم والدجاج والفاكهة والأجبان وعلب الحلوى.
لتقول مش عارفه إزاي أجازيك عن كل إللى بتعمله معايا يا أستاذ عبدالله.

دموع الياسمين وإبتسامتها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن