٨ : بعد طول انتظار

1.2K 109 101
                                    

"لا ترهق نفسك أثناء حصّة الرّياضة" أكّدَ جواد على هادي وهو يسرّح شعرَه.
-حصّة الرّياضة غداً.
-تناول طعامك هذه المرّة.
-سأفعَل.
-الكمّامة و...
-(حرّك هادي يديه في الهواء متذمّراً) الكمّامة وجيب الدّلفين والحذر والانتباه وحصّة الرّياضة وصندوق الطّعام!

ضحك جواد على حركات أخيه ثمّ جثى أمامه ليوضّح له: "لم يمضِ شهران بعد على حدوث تلك النّوبة وقد ضعف جسدك واحتجتَ عشرة أيّامٍ للتّعافي، أخشى عليكَ أن تتكرّر في وقتٍ قريبٍ لأنّ مرحلة العلاج ستكون أصعب. أتفضّل أن تتّبع تعليمات أخيك المزعج أم النّوم في المشفى لعدّة أيّام؟".

كان هادي ينصت بتركيزٍ، أجاب جوادًا بعناقٍ دافئ ثمّ نطق وهو يحشر رأسه في صدر أخيه: "أنت لستَ مزعجاً، وأنا لا أريد النّوم مجدّداً، آسفٌ لأنّي تذمّرت".
-(ربّت جواد على رأس الصّغير) لا مشكلة لديّ من تذمّرك بشرط أن تتعامل مع صحّتك بجدّيّة، فهذا يصبّ في مصلحتك. هيّا نتناول الفطور.

تبادل الاثنان الابتسامات ثمّ نزلا إلى المطبخ، وهناك تذكّر هادي أمراً "جواد، شعرتُ بالتّعب في مدينة الألعاب فتركوني مع لميس في الاستراحة لبعض الوقت..."
-كانت لميس معكم؟
-وجدناها تنتظرنا هناك... لقد نبّهَت عليّ ألّا أخبر خالي، ولكنّي خائفٌ عليها، لذا سأخبرك أنت.
-أنا أسمعك.
-حضر شابٌّ، ليس كبيراً جدّاً وليس صغيراً أيضاً، شكله لم يعجبني...
-أجل؟
-انتقلَت وإيّاه إلى طاولةٍ أُخرى وجلسا يتحدّثان لبعض الوقت، وعندما أطلّ الباقون اختفى وتظاهرَت هي أنّها كانت تحضر لي كوب ماء.
-حقّاً؟
-حقّا حقّاً، ثمّ لم تفوّت فرصةً لتذكيري بنسيان ما رأيت وعدم التفوّه بحرفٍ وإلّا فصلَت رأسي عن جسمي.
-هل قالت لك هذا؟!
-لم تقله، بل كانت تفعل هكذا.

ضمّ هادي قبضته ثمّ رفع إبهامه فقط، ثمّ وجّهَه إلى عنقه ومرّره من اليسار إلى اليمين، كان يتحرّك ببطءٍ وتركيزٍ شديدَين، فأحسّ جواد برغبةٍ في الضّحك ولكنّ الموقف غير مناسب "أنتَ تعلم كم تحبّ لميس المزاح!".
-أعلم، لستُ خائفاً منها، بل عليها. ذلك الشّاب بدا مريباً.
-أنا فخورٌ بك، شكراً لإخباري، سوف أسألها عن الموضوع وأتصرّف.

اعتلى الاحمرار وجنتَي هادي فقد أشعره فخر جواد بالخجل، فرك صدره بيده بعد أن دغدغه شعورٌ لطيفٌ، ثمّ شغل نفسه بتناول فطوره.

_____

رنّ جرس الحصّة الأولى. التفت المعلّم إلى هادي الّذي تلمع عيناه من الدّموع منذ وقتٍ لا بأس به. اقترب من مقعده ومسح على رأسه بلطفٍ قبل أن يسأله: "ما به تلميذي الشّاطر؟".
-(عبسَ هادي) لستُ أفهم شيئاً.
-هل تذكر ما أخذنا في الحصّة السّابقة؟
-كنتُ نائماً.
-آه، نسيت. اسمع حبيبي، لقد غبتَ لمدّةٍ طويلة، لذا من الطّبيعيّ أن تواجه صعوبةً في التّحصيل. خذ الأمور هَوناً، لا تضغط على نفسك، يمكنك التعويض أثناء العطلة الصّيفيّة. كما يمكنني أن أعيد لك الشّرح خلال الفرصة، ولكنّي لا أؤيّد ذلك حتّى لا تُحرم من استراحتك.

صغيري عُد إليّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن