١١ : الشّخصُ المفضّل

1.3K 107 159
                                    

🌿عيد أضحى مبارك🌿

✨️ كل عام وأنتم بخير وإلى الله أقرب ✨️

قراءة مُمتعة

✿✿✿

استيقظَ هادي في غرفته ليشعر بقناع الأوكسجين على وجهه قبل أن يسمع صوت الجهاز المألوف. جلس وأخذ يفكّر، يحاول أن يتذكّر ماذا حصل وكيف وصل إلى السّرير، قاطعَه صوت عمّته المتربّعة أرضاً إلى يمينه بعد أن مدّت يدها وأمسكت كفّه "كيف تشعر صغيري؟". أحيَت رؤيتها صور ما حصل في ذهنه: المقبرة، باحة المنزل، جواد فوق المرحاض، جواد على الأرض "جواد!" صرخ هادي بهلع.
-عمّك وخالك أخذاه إلى المشفى، سيكون بخير، لا تقلق.
-ولكن، كان على الأرض، و... أنا خائف!
-(نهضَت وجلست إلى جانبه وأحاطت وجهَه بكفّيها) أنا أعدك، جواد سيكون بخير. والآن أخبرني، كيف تشعر؟
-أنا بخير.
-جيّد، إن كنتَ لا تشكو من شيءٍ فلننطلق إلى بيت أهلي.
-وماذا عن أخي؟ فلننتظر هنا.
-سيعود هو أيضاً إلى بيت جدّك كي نعتني به، وإلّا حوّل التّوأمان بيتكم إلى خرابة!

ضحك هادي ثمّ غادر الفراش ليرتدي ثيابه ويجهّز أغراضه، ووجد جهاد وفؤاد مع لميس في الأسفل ينتظرون، وسرعان ما انطلقوا إلى وجهتهم.

مضت قرابة نصف ساعة قبل أن يرنّ هاتف هديل، وكان الجميع خلالها ينتظر أخباراً عن جواد. "وعليكم السلام عزيزي، طمئنّا، كيف حاله؟". تأهبّ هادي واقترب من عمّته فشغّلَت مكبّر الصّوت "الحمدُ لله قد استقرّت حالته، ولكنّ الطبيب يرى ضرورة بقائه حتّى الأحد" انبعث صوت باسل من الجهاز باطمئنان.
-وما التّشخيص؟
-انفلونزا، ولكنّ الضّغط النّفسيّ والإرهاق قد نالا منه فاشتدّت عوارضها. سيعود سامر وأبقى أنا هنا، اعتنوا بهادي جيّداً.

ودّعَت هديل زوجها ثمّ التفتت إلى الباقين وقد اختفت تجاعيد القلق عن وجهها واستُبدلت بابتسامة "الحمد لله لقد ارتحنا الآن".
-عمّتي...
-نعم حبيبي؟
-ولكن لماذا لن يعود جواد الآن؟
-العلاج في المشفى أكثر فعاليّة، ألا تريد أن يُشفى سريعاً؟
-ماذا لو لم يُشفَ؟
-إن شاء الله سوف يُشفى...
-ماذا لو لم أره مجدّداً؟!

علا صوت بكاء هادي في أرجاء المنزل فأسرعت هديل لتضمّه وتهدّئه "هادي، ادعُ لأخيك كي يتحسّن سريعاً، ألا تثق بقوّة الدّعاء؟ كما أنّ وضعه ليس خطيرا، إنّه متعبٌ ويحتاج إلى الرّاحة وبعض الأدوية. أنَسيت كيف كنتَ مريضاً وشُفيت؟ جواد سيُشفى كذلك!".

هدأ هادي قليلاً ولكنّه بقي صامتاً وقرّر الالتصاق بالأريكة الّتي تقابلُ الباب، وفشلَت جميع المحاولات في جعله يلعب أو يأكل حتّى دخل سامر عائداً من المستشفى. لم يكن أحدٌ يعلم سرّ ما يدور في عقل الصّغير، ولكنّ رؤيته لجواد على تلك الحالة زرعَت فيه خوفاً لا تزيله الكلمات أو المكالمات الهاتفيّة، يريد إثباتاً على سلامة أخيه وإلّا سلّم نفسه للتخيّلات: غياب والديه كان بسبب الموت، فمن يقنعه أنّ جواد، الّذي لم يسمع صوته بعد، على قيد الحياة؟

صغيري عُد إليّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن