٢١ : نعم السّنَد

1K 97 108
                                    

سلام ✿

قراءة ممتعة ✿

✿✿✿

قرأتُ مع هادي التّمرين الثّالث قبل أن نباشر بدَرسنا: "يرتبط الاسترخاء بشعورنا بالهدوء والسّلام، وبعد المرور بتجربةٍ مؤلمةٍ أو صادمة نشعر غالباً بالقلق، ونعيش حالةً من التنبّه. ارسم نفسكَ في حالتَين: مرتاحاً مُستَرخياً في الأولى، ومتوتّراً قلقاً في الثّانية". سألتُه: "هل المطلوب واضح؟".
-امم
-إن احتجتَ شيئاً ربِّت على كتفي.
-امم
-(ابتسمتُ) يمكنكَ النّهوض الآن.

كان قد أفهمني أنّه يودّ الرّسم خارجَ دائرَتنا، فتوقّعتُ أن ينتقل إلى الأريكة أو طاولة المطبخ على أبعد تقدير، ولكنّه مشى خطوتين فقط قبل أن يجلس ثانيةً ويسندَ ظهرَه على ظهري. فتحتُ عينيّ بدهشة بينما انقلب الرّفاقُ إلى الأرض يكتمون ضحكاتهم، فقد أضفنا الصّوت العالي إلى قائمة الممنوعات، وقد خالف جواد هذه القاعدة صباحاً ومن لطفِ الله أنّ هادي لم يُصَب بالذّعر بل انفجر ضاحكاً.

لوّحتُ لهم بهاتفي ففهموا عليّ ودخلوا إلى مجموعتنا:
-جواد: ما الأمر؟👀
-أنا: كيف وجدتموه؟
-هادي: سُكّرررر😍
-أنا: 🤦🏻‍♂🤦🏻‍♂🤦🏻‍♂🤦🏻‍♂
-أنا: أقصد كيف كان استقباله لكم، كيف تصرّف، كيف تفاعل معكم؟
-زيد: فتح الباب ببطءٍ ونظر إلينا بتردّد قبل أن يلتفت ناحيتك، فهمنا أنّك ما زلتَ نائماً. ربّما اكتشف أنّك لن تتحرّك قريباً 😏 لذا أفسح لنا المجال للدّخول🚶 لم ننتظر كثيراً. ولكنّه حافظ على مسافةٍ آمنة فحرصنا على عدم الاقتراب منه.
-جواد: ثمّ أشار إلى أنّك نائمٌ هكذا 😴😴😴 لقد حسّنَ مزاجي.
-أنا: 🙄
-هادي: حاولَ إيقاظك مجدّداً وعاد خائباً، خفّفنا عنه، ولكنّه لم يهنأ إلّا بتحضير الشّاي، ساعدَه زَيد، ودخل لإيقاظك مجدّداً وعندها تبعَهُ جواد.
-أنا: هذا مفاجئ، ولكنّي سعيد، يمكنني الاطمئنان عليه بوجودكم على الأقلّ.

_____

لم نتوقّف إلّا بعد سماعنا للأذان، كان هادي قد توقّف عن الرّسم وينتظرني. تأمّلتُ الأشكال أمامي: على اليمين رسم نفسه يتمدّد على العشب مشكّلاً نجمةً، أمّا على اليسار فهناك كتلةٌ داكنةٌ لم أميّزها. كان ينظر إلى وجهي مترقّباً.

"ما هذا يا هادي؟ أين أنت في الرّسمة؟". أشار إلى الكتلة، سألت: "هذا أنت؟!" نفى "ماذا إذن؟". تلفّت حوله ثمّ أشار إلى صندوق المناديل الورقيّة الخشبيّ "لم أفهم بعد، آسف" أخبرتُه فأحضر الصّندوق وعاد، ثمّ طرق عليه وأشار إلى الرّسمة مجدّداً.

"آه! هذا صندوق!".
-امم!
-ولكن أين أنت؟! ما علاقة الصّندوق بالقلق والتّوتّر؟

أشار إلى المناديل، ثمّ ضرب على صدره. لحظة! هل يقصد أنّهُ... "صغيري، هل تشعر أنّكَ مُحتجَزٌ داخل... صندوقٍ عندما تكون قلقاً؟" أومأ عدّة مرّات، هبط قلبي، أغمضتُ عينيّ لبعض الوقت ثمّ فتحتهما مجدّداً وضممته قائلاً: "آسفٌ على هذا يا أخي". حملتُه إلى غرفة والديّ وهمست: "سوف أتوضّأ وأصلّي هنا، ثمّ ننفّذ تمرين الاسترخاء كما هو مكتوبٌ أسفل هذه الصّفحة".

صغيري عُد إليّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن