١٦ : وصال

1.1K 103 249
                                    

"هذا إنجاز، لا أنكر ذلك يا بنيّ، ولكن لماذا استخدمتَ مُسدّسك؟! حسب روايتك كان بإمكانك الانقضاض عليه وتقويضُ حركته دون التّعرّض لأيّ خطر!" سأل إبراهيم، مسؤول سُهَيل.
-سيّدي! كم طفلاً نعلم يقيناً أنّه المسؤول عن فقدانهم؟
-خمسة حتّى الآن.
-ألا يكفي أنّنا عجزنا عن إنقاذهم، هل يجب أن أدلّل خاطفهم كذلك؟!
-(تنهّدَ) ومن طلب منك تدليله يا سُهَيل؟! أريد أن أكتب تقريراً الآن وأريد تبريراً لإطلاق النّار!
-سيّدي! هذا الطّفل بالذّات، أنا ضعيفٌ أمامه، حسّاسٌ تجاهه، وهو يشغل بالي كلّ فترة، وفجأةً ظهر أمامي بحالٍ يُرثى لها يكاد يختنق، ورغم ذلك انهال عليه الغراب ضرباً وكأنّه كيس ملاكمة... فلتكتب ما شئتَ يا سيّدي في تقريرك، أنا لستُ نادماً، ولولا حاجتنا لاعترافات ذلك الوغد من أجل الإيقاع بالمتّصلين به لوددتُ تصويب المسدّس على رأسه.
-(تبسّم إبراهيم) يمكنكَ الانصراف.

_____

دخل سهيل الغرفة الّتي أرسل له عماد رقمَها، فوجده جالساً قرب السّرير يتأمّل وجه هادي النّائم بعمق. انتبه عماد لدخوله فنهض سريعاً وعانقه "أنا فخورٌ بك يا بطل، الحمدُ لله على سلامتنا جميعاً".
-الحمد لله، هذا بفضل نباهتك يا عماد.
-لقد ساقني الله إلى ذلك المكان لنساعد هذا الطّفل، وإلّا فما أدراني بما يجري؟
-صحيح، الفضل لله قبل كلّ شيء... ألم يستيقظ بعد؟
-لن يستيقظ قريباً.
-وكيف حاله؟
-لا شيء خطير، سوف يُشفى.
-الحمدُ لله، وماذا عن قدمه؟
-تمزّقٌ متوسّطٌ في أربطة الكاحل، سوف يحتاج حذاءً داعماً لبعض الوقت ليساعده على المشي.
-وماذا عن رئتَيه؟
-يا أخي أخبرتكَ أن لا شيء خطير! ليستا على أفضل حالٍ ولكنّهما تتعافيان.
-جيّد، وماذا عن... (رمَقه عماد فابتلع ريقه) السّؤال مُختلف! ماذا عن عائلته، هل زوّدتَ مكتب الدّخول بما نعرفه من معلوماتٍ كي يتّصلوا بهم؟
-(رفعَ حاجبَيه) وماذا نعرف نحن؟
-نعرف أنّه مكث في مستشفى الأمل لعشرة أيّامٍ وهناك يمتلك سجلّاً حتماً.
-ومن يعرف أنّنا نعرف؟
-ماذا؟!
-لن نخبر أحداً بهذا. أعلمتُهم أنّ اسمه هادي فقط. إن لم تبحث عنه عائلته وتصل إليه فهذا يعني أنّ حياته جحيم. نحن لا نعرف بعد كيف وقع بين يدي الغراب. الحمدُ لله أنّ جميع تحاليله نظيفةٌ، لم يحصل ذلك المجرم على فرصة الاقتراب منه.
-سوف نعلم التّفاصيل فور بدء الاستجواب، ولكنّي لا أظنّ أن حياته سيّئة، ألا تذكر كيف كانوا يتناوبون عنده طيلة الأيّام العشرة رغم كونه نائماً؟!
-هذا كان في البدايات، ربّما تحت أثر الصّدمة والأعيُن المثبّتة عليهم بسبب مصابهم، وربّما لا، أريد أن أتأكّد.
-ماذا نفعل الآن، سيادتك؟!
-سُهيل، لا تهزأ بي! أنا لا أفهم كيف يمكن لطفلٍ في بيجامة نومه أن يقع بين يدي الغراب! لو كان يرتدي ثياباً مختلفة لخمّنتُ أنّه ضاع منهم في أحد المرافق المكتظّة ثمّ أمسك به ذلك الوغد، ولكنّه في ثياب النّوم! هل دخل من الباب بكلّ احترامٍ وحمله من على سريره وخرج به بهدوء؟! ماذا لو كان مُهمَلاً، ماذا لو هرب من البيت بسبب سوء المعاملة؟
-عليكَ أن تهدأ يا أخي، من أجل صحّتك... سوف نعرف كلّ شيءٍ قريباً. هل تريدني أن أبقى وتعود أنت إلى أمّي؟ سوف تستيقظ قريباً لأداء صلاة الفجر وقد يُقلقها غيابنا المفاجئ.
-لا حبيبي، عُد أنتَ وخذ قسطاً من الرّاحة، سوف أتمدّد على تلك الأريكة عندما أشعر بالنّعاس.
-حسناً أخي، أراكَ قريباً، في أمان الله.
-في أمان الله.

صغيري عُد إليّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن